أصلحوا تعليمكم

TT

محزنة قصة الطالب القطري محمد الماجد الذي ذهب ضحية ما يبدو أنه جريمة عنصرية في بريطانيا. صغير لم يتجاوز عمره السادسة عشرة، أرسله أهله لدراسة اللغة الإنجليزية، مثله مثل آلاف الطلاب الخليجيين، وعاد لهم مقتولا.

صحيح أن الصبي المغدور ليس وحده الذي تعرض لجريمة كراهية، فقبله حدثت جريمة بشعة بحق طلاب فرنسيين، ولكن التعليم، وتحديدا تعليم اللغة الإنجليزية لصغار السن قضية تشغل الكثير من مواطني الدول الخليجية.

تخيلوا لو أن تعليمنا، تحديدا في الخليج العربي، اهتم حقيقة بما يريده المواطنون، وما يحتاجه السوق، وقمنا بإصلاح تعليمنا إصلاحا حقيقيا حيث يتمكن طلابنا وطالباتنا من إتقان اللغات التي يريدون تعلمها مع لغتهم الأم، اللغة العربية، ومن الصغر، بدلا من أن يضطر الناس إلى إرسال أطفالهم للخارج من أجل تعلم اللغة وهم صغار السن!

الابتعاث أمر مهم وحيوي، وباب يجب ألا يغلق في جميع دول الخليج، بل يجب أن يكون عملا مؤسسيا بحتا حيث يكتب له الاستمرار لسنوات طويلة، ويستفيد منه كثر في بلداننا، ولكن يجب أن توضع ضوابط للسن، ودورات مكثفة قبل إرسالهم إلى عالم مختلف في كل شيء من أجل تجنيبهم الوقوع في إشكاليات قانونية وغيرها.

كل ذلك من أجل ضمان حمايتهم وعدم تعرضهم للمخاطر خصوصا وهم في سن صغيرة، ناهيك عمن يريد تعليم بناته الصغار، وصعوبة إرسالهن للخارج. فمن يطلع على بعض مشاكل طلابنا من خلال السفارات الخليجية في أميركا أو أوروبا سيدرك حجم إشكالية إرسال صغار السن إلى الخارج بدون أن يكون لديهم وعي وإدراك بالأنظمة والقوانين، وعادات تلك الدول، وجل المشاكل تعود أسبابها لصغر السن.

إصلاح تعليمنا ضرورة ملحة، فمهما كانت الآراء السياسية أو القناعات الاجتماعية ففي نهاية المطاف كل ما يريده الأهالي لأبنائهم هو التعليم الجيد الذي يكفل لهم الحياة الكريمة، ويضمن لهم وظيفة ومصدر رزق.

بداية صيف هذا العام تلقيت اتصالات من أصدقاء ومعارف جميعها تصب في أسئلة محددة: أيهما أفضل، إرسال أبنائي إلى بريطانيا أم أميركا، هل تعرف لنا واسطة لاستخراج تأشيرة سفر؟ وجميعهم يتحدثون عن أبناء وبنات في سن المغدور محمد الماجد.

هذه هي اهتمامات الناس واحتياجاتهم الحقيقية، وأهمها تعليم أبنائهم، فلماذا لا نشرع في تطوير تعليمنا، ولماذا لا تكون لدينا مدارس حكومية بمناهج مختلفة، وتدرس بلغات مختلفة من مرحلة الطفولة، وتكون اختيارية.

والمقصود دعوا الناس تختار، في البداية، فمن يريد التعليم التقليدي فليضع أبناءه في المدارس التقليدية، ومن يريد لأبنائه التعليم من السنوات الأولى بلغات مختلفة فله الحق، وحينها سترى وزارات التعليم، ومعها الحكومات كيف سيتسابق الناس لإلحاق أبنائهم في المدارس المتطورة.

لا يهم كم وصل أو سيصل سعر البترول، ولا يهم كم شيدنا أو سنشيد من مبان ومنشآت وشركات، المهم هو تطوير تعليمنا تطويرا حقيقيا، يخدم اقتصادنا، وأبناءنا. سلاحنا الحقيقي هو التعليم، ولا بد أن نعمل على تطوير تعليمنا بعيدا عن أية تجاذبات سياسية أو اجتماعية.

[email protected]