عاش ومات وكأنه برنارد شو (2 ـ 2)

TT

تساءلنا كيف مات إن كان قد مات. فمن يدري ربما اختفى وتلاشى. فنحن لم نعرف من أين جاءنا ولا كيف اختفى بعيداً عنا.

ولكن عرفنا من أحد الزملاء.. أنه مات.. وأنه تولى دفنه.. ونفذ وصيته.. ذهبنا إلى الصديق يحكي لنا ما أدهشنا..

قال إن الشيخ دهليز داهمه مرض أنقص وزنه وأذهب اللون من وجهه ومن نور عينيه. فانزوى ومات. وترك وصية يقول فيها: لا أريد أحداً أن يمشي في جنازتي.. وأن تكون الجنازة من الحبايب وإذا قال أحد: أذكروا محاسن موتاكم فأنتم تعرفونها وسوف تضحــكون. فإذا أطللت برأسي من تحت الكفن فســـوف أسعد بســـعادتكم فقد كانت حياتنا فرفشــــة. وهذا بالضبط ما حدث؛ لقد كانت الجنـــازة من أناس لا نعرفهم لأنهم يفعلون ذلك كل يوم ويتقاضون أجراً وأثناء الجنازة لم نذكر له محاسن. فأخفينــا الابتسام والضحك في أيدينا.

أما الشيء الذي لم أصدقه وأحسسنا أن برنارد شو هو صاحب هذه الفكرة الساخرة وليس الشيخ دهليز، فقد استحلفه في الوصية أن ننفذ رغبته هذه بالحرف. فقد طلب إليه أن يدفنه في أي قبر بشرط ألا يكون واضحاً أو له معالم يمكن الاهتداء إليه.. وأن يضع علامات تشير إلى قبر الشيخ دهليز. وهذه العلامات تخترق المقابر كلها.. وفي نهاية العلامات تجيء هذه العبارة: شكر الله سعيكم. وضحكنا عليكم فالرجل لا مات ولا حاجة. ابحثوا عنه في مكان آخر.

ولكن أحداً لم يبحث عنه. ولذلك فهذه العلامات لا معنى لها. وقد قام حارس المقابر بإزالة كل هذه العلامات الهزلية في هذه الأماكن الحزينة .. واتفقنا على أن نكتسب نوادر الشيخ دهليز، فأنا عندما كتبت عنه ذكرت القليل منها في كتابي «عاشوا في حياتي» فانتظروها.