سورية.. قمة المتناقضات

TT

عشية انعقاد اللقاء الرباعي المقرر في سورية انطلقت تسريبات وتحليلات سياسية تصب في خانة اظهار القمة بصورة مبالغ فيها. انصبت التحليلات والتسريبات في أمرين. الأول يقول إن اللقاء هو بمثابة قمة رئاسة القمة العربية، ورئاسة المجلس الأوروبي، ورئاسة مجلس التعاون الخليجي.

الأمر الآخر يقول إن أهمية هذا اللقاء تكمن في تغير خارطة اللاعبين الأساسيين في المنطقة بمعنى أن دمشق استدارت عن محور سورية-السعودية-مصر إلى محور آخر.

وبالطبع كلا الأمرين تسطيح، أكثر منه قراءة واقعية لسير الأحداث، ومجرد تسريبات في بعض المواقع والوسائل المقربة من السوريين في محاولة لاظهار دمشق وكأنها قد نجحت في كسر طوق العزلة المفروضة عليها بسبب سياساتها الخاطئة.

لماذا؟ الاجابة كالتالي: إذا كان لكل من الحضور صفة فما هي الدورة التي يرأسها رئيس الوزراء التركي عدا عن دوره في المفاوضات السورية- الإسرائيلية؟

وإذا كان الرئيس السوري استدار عن مصر والسعودية، وبالطبع الأردن، وغيرها من دول الخليج العربي، فالسؤال هو من يمثل رئيس القمة العربية في اللقاء الرباعي في دمشق إذا كانت أبرز الدول العربية قد قاطعت القمة العربية الأخيرة في سورية والتي ترأسها الرئيس بشار الأسد؟ ومن يضمن ان الخليجيين على خط واحد من قضايا إيران وسورية؟

وأمر آخر هل كل الأوروبيين على نفس الخط مع ساركوزي في تقاربه مع سورية، ناهيك عن قبول تشكيل محور فيه إيران وفرنسا، بالطبع ليس كل الأوروبيين على خط واحد مع الفرنسيين الذين ما زالوا يرددون بانهم في طور التجربة مع دمشق، خصوصا أن السوريين يؤيدون الروس في غزوهم لجورجيا في الوقت الذي تتوحد فيه أوروبا ضد موسكو!

وإذا كانت إيران ضمن هذا المحور الجديد فمن الأحرى توجيه الدعوة للرئيس الإيراني أحمدي نجاد لحضور قمة دمشق. لكن يبقى السؤال هنا هل سيقبل الإيراني حضور قمة من ضمن أجندتها المفاوضات مع إسرائيل؟ هذا يعد انقلابا إيرانيا كبيرا!

فمن الواضح أن قمة دمشق ما هي إلا قمة فرصة صورة كما يقال سياسيا، وبالطبع قمة المتناقضات، فما يجمع أقل كثيرا مما يفرق. فليس لدى الفرنسيين دور فيما يريده الأميركيون من سورية وإيران، وليس لدى تركيا ما تريده إسرائيل من سورية، وفوق هذا وذاك ليس لدى كل ضيوف دمشق ما تريده سورية نفسها وهو عودة العلاقات مع أميركا، ومصر والسعودية.. نعم الرياض والقاهرة، فمن زاروا دمشق مؤخرا يعلمون مدى التوتر هناك من طول القطيعة مع مصر والسعودية!

[email protected]