هل هي «القاعدة» في غزة؟

TT

اعتقد أن غزة اسهل الأماكن في العالم على تنظيم «القاعدة»، او أي تنظيم آخر، من حيث العمل والتجنيد. فهذه الأرض المنكوبة كانت دائما خصبة للباحثين عن الانتقام أو التحدي بسبب وضعها المأساوي في السابق تحت الاحتلال الاسرائيلي، والآن أكثر سهولة بسبب تمزيقها الاجتماعي تحت حكم حماس ونزاعها مع فتح وبقية الفصائل الفلسطينية. الايرانيون، والسوريون، والشيوعيون القدامى، والقوميون، والبعثيون، وحتى اليسار الاسرائيلي المعارض وغيرهم، كلهم في غزة إلا «القاعدة». هذا التنظيم الذي بلغت نجاحاته لندن وروما لم يدخل غزة، رغم شهرته وشعبيته عند الناقمين. لا وجود له ليس بسبب رفض بل العكس، بسبب امتناع «القاعدة» نفسها.

لهذا أجد من الصعوبة تصديق ادعاء تلك الجماعة التي وجهت الدعوات للاعلاميين في غزة قائلة بأنها «القاعدة»، وكتبت اسم «القاعدة» على الجدران خلفها، وجاءت برجال مقنعين لتصويرهم. كما لا أصدق ان «القاعدة» تريد ان تعمل في محيط اسرائيل، والا لفعلت منذ عشر سنوات. التنظيم المتطرف تبنى سياسة واضحة المعالم بعدم التعرض الى ايران واسرائيل. فهو يلعب السياسة ايضا، وليس كل عدو عدوا، ولا كل صديق صديقا. لـ«القاعدة» برنامج سياسي تستهدف الغير بناء عليه، واسرائيل ليست في برنامجها رغم أن اسرائيل تعتبر، بلا جدال، العدو الأول في كل المنطقة. و«القاعدة» لم تدع، حتى زورا، انها نفذت اي عمل داخل اسرائيل، رغم انها نشطت في عشر سنوات، واستهدفت ما لا يقل عن ثلاثين دولة في العالم من اندونيسيا الى اميركا.

وزعيمها أيمن الظواهري هو من قال بهذه السياسة، وأوضح حديثا ان «القاعدة» تنوي استهداف اسرائيل فقط، بعد ان تنهي معاركها الحالية في العراق وغيره. يعني، ربما، بعد عشر سنوات او مائة سنة.

لهذا السبب، ومن مراجعة سجل «القاعدة» تصريحا وتنفيذا، فإن الادعاء بوجود كتيبة لـ«القاعدة» تعمل في غزة يحتاج الى تأمل. قد لا تزيد عن كونها مجرد لعبة تهديدية يريد مخرجها لفت الانتباه بعد ان تم تجاهله، ولم ينفعه خطف شاليط او اطلاق صواريخ. قد تكون اطراف السلطة في حماس تريد ان تؤخذ على محمل الجد، او انها اطراف معادية لحماس تريد القضاء عليها.

أخشى ان تكون قصة «القاعدة» في غزة مجرد كذبة، مثل كذبة صدام، عندما تظاهر بأنه يملك ترسانة أسلحة كيماوية وبيولوجية، وعندما سئل لماذا؟ اجاب انه كان يريد فقط اخافتهم.

بسبب العزلة المستمرة خرقت الحصار من شواطئ غزة سفن ولم تفلح في شيء، ومعابر كسرت ثم استمرت مغلقة، وانفاق حفرت لكنها دفنت. أخيرا ظهرت مجموعة تقول انها «القاعدة»، توزع صور رجالها كما لو كانت كتيبة في جيش نظامي لا تنظيما في غاية السرية.

[email protected]