هل استعدت أمريكا لأول رئيس أسود؟

TT

يقول ديل كارنجي: «عندما تتعامل مع الناس، تذكر أنك لا تعامل أناسا عقلانيين ولكن عاطفيون في الدرجة الأولى»، وإذا كان هذا القول يصدق على جل الناس، فإنه يصدق على الأمريكيين أيضا بصورة أكثر دلالة، حيث تتحكم في توجيه عواطفهم الكثير من مؤسسات التأثير، التي تنشط في مواسم الانتخابات الرئاسية، فصناعة الرئيس صناعة معقدة يقف خلفها حشد من المختصين في مجالات عدة لتشكيل الصورة الأكثر تأثيرا في عواطف الناس، وبالتالي فإن المعركة الرئاسية الأمريكية هي معركة عاطفية بامتياز قبل أن تكون معركة أفكار وبرامج.

اليوم المنافسة الانتخابية تشتعل على أشدها بين مرشح شاب، قليل الخبرة، ويمتلك ناصية البلاغة، ويلعب على وتر التغيير، في مواجهة مرشح أكثر خبرة، ولكنه أقرب إلى الماضي من المستقبل، ووصوله إلى الرئاسة لا يشكل سوى امتداد للسائد والمألوف، لذا قد تبدو حظوظ أوباما أكبر وأعظم، لكن لا أحد يمكن أن يتنبأ بما ستحدثه مؤسسات التأثير في الرأي العام خلال الفترة المتبقية في عواطف الناخب الأمريكي تجاه هذا المرشح أو ذاك، إذا ما وضعنا في الاعتبار أن الكثير من الأمريكيين لا يلقون بالا لوعود المتنافسين الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ولا يؤمنون بمصداقيتها، بحيث تبقى مسألة الحسم مرهونة ـ في الغالب ـ بمدى إجادة العزف على أوتار العواطف..

ويظل السؤال: هل أمريكا مستعدة لأول رئيس أسود؟

وهو نفس السؤال الذي طرحته صحيفة «واشنطن بوست» عند بدء الترشيحات الحزبية، وأجابت عنه بأن فرص أوباما أقل لأن الأغلبية الأمريكية رغم أنها لا ترفض علنا رئيسا أسود، فهي ربما لا تريد ذلك في الواقع.. ويبدو لي أن الأمور تسير في غير ما ارتأته صحيفة «واشنطن بوست»؛ فثمة من يميز بين أوباما وغيره من السود الأمريكيين باعتباره نتاج أم بيضاء وأب أسود، كما أنه ينتمي إلى أب مهاجر ليس في دواخله الحساسية تجاه الرجل الأبيض التي قد يحملها بعض السياسيين السود الذين عاش أسلافهم مأساة الرق.. صحيفة («الشرق الأوسط» عدد 29/11/2006)..

وفي كل الأحوال فإن الـ«كاريزما» الاستثنائية التي يتمتع بها هذا المرشح الأسود قد تفتح له أبواب البيت الأبيض، فأوباما يعرف جيدا كيف يعزف على أوتار الحلم الأمريكي الذي تتوحد في داخله كل ألوان الطيف الإنساني.

[email protected]