الأنبار.. من يصدق!

TT

من يصدق أن محافظة الأنبار، أكبر محافظات العراق، وأبرز مدنها الفلوجة والرمادي، قد عادت للعراقيين بعد أن كانت واحدة من أكثر المناطق خطورة، بحيث وصلت إلى أن العراق قد فقد السيطرة عليها قبل قرابة عامين، وسقط على أرضها أكثر من ربع الجنود الأميركيين.

كانت الأنبار جحيما ليس على الأميركيين وحسب، بل وعلى الأبرياء من أبنائها، فهي أبرز محافظات العرب السنة التي شكلت في السابق معقلا لـ«القاعدة» والتنظيمات المتطرفة، إلى أن تشكلت مجالس الصحوة من قبل زعمائها السنة الذين حملوا السلاح ضد إرهاب «القاعدة» ودحروها من غربي العراق.

عمل كبير دفع الميجور جنرال جون كيلي قائد القوات الأميركية في الأنبار، إلى القول أمام مسؤولين أميركيين وعراقيين أثناء مراسم تسليم الأنبار «إننا في الأمتار الأخيرة من هذا الصراع المرير».

حديث الجنرال متفائل، لكن لا بد من دعمه حتى يتحقق، وهذا ما لخصه عبد السلام العاني رئيس مجلس المحافظة بأن الأنبار «وصلت إلى وضع أمني تستحق فيه أن تقطف ثمار ثمن التضحية، بعد أن قدمت الشهداء وهي مفتوحة لعودة المهجرين، مسيحيين ومسلمين ومن القوميات الأخرى». وذكٌر بأن «القاعدة ارتكبت في هذه المحافظة أكبر المجازر.. إنهم مجرمون وقتلة سقطوا اجتماعيا وسياسيا ونظريتهم الموت ضد الحياة». كما حذر من «مخططات تريد أن تدفع لتكون الأنبار أرض صراع سياسي أو طائفي، لكننا لن نسمح بذلك».

ولذا فلا بد أن يكون هناك مشروع لإعادة إعمار الأنبار، وإنعاش اقتصادها، من أجل توفير وظائف لأهلها الذين عانوا طويلا، حيث يقول الجنرال كيلي إن الميزانية المرجوة هي قرابة 450 مليون دولار، شارحا «لقد فصلناها. إذا مولتها الحكومة المركزية، وهي بالتأكيد تملك التمويل، ستبدأ الزراعة والوظائف في الانتعاش، وسيكون هؤلاء الناس ممنونين بدرجة تمنعهم من عمل أي شيء سوى تحية بلادهم بفخر».

ويشرح الجنرال كيلي واقع الحياة في الأنبار بالقول، إن الزراعة وحدها كانت توفر في وقت ما 60 بالمئة من الوظائف، وإن الصناعات الصغيرة في مدينة الفلوجة التي دمرت في هجومين عسكريين أميركيين في عام 2004 توظف ثلاثة أرباع الناس هناك، مؤكدا على أن كليهما بحاجة إلى الإنعاش.

وهذا ليس كل شيء بالطبع، فمن الضروري الشروع في تحقيق مصالحة حقيقية، وتسهيل اندماج أبناء المنطقة في العمل السياسي العراقي، خصوصا أنها أول محافظة سنية تعود تحت قيادة القوات العراقية.

فلا يوجد مبرر لأي صراع أو تجاذبات إذا وجد أبناء الأنبار أنفسهم في محافظة تحظى بالاهتمام من قبل الحكومة المركزية، وشعروا بأهمية العملية السياسية التي يلعب الجميع فيها وفق شروط محددة، لا داعي فيها للسلاح، أو الطائفية.

وهذا ما يجب التنبه له في عملية استيعاب أبناء مجالس الصحوة، الذين حملوا السلاح في وجه «القاعدة» التي أجرمت بحق جميع العراقيين. ولذا فلا بد من اندماج الأنبار في المنظومة العراقية من خلال عقلية مصالحة، لا عقلية مناكفة ومحاصصة طائفية.

[email protected]