«جيش الأمة».!

TT

اللقطات التدريبية «الاستعراضية» التي ظهرت في شريط مصور لتنظيم إسلامي جديد هو «جيش الأمة»، لا تبدو أنها شذّت عن النسق السابق لسلسلة من التنظيمات التي خرجت من رحم التنظيم الأم «القاعدة». مرة أخرى نقلت لنا الصور مشاهد لمجموعة من الشبان الملثمين المسلحين يطلقون النار على أهداف وهمية ويرددون شعارات لنصرة الإسلام وقتال «اليهود»..

القصة مكررة والمشاهد رتيبة، لكن الصراخ «الدعويّ» هذا لا يزال يجد جمهرة عريضة عابرة للحدود تستقبله وتتحمس مع شعاراته. هذا ما تؤكده مجموعة واسعة من المنتديات الالكترونية التي رحبت بهذا التنظيم الذي لا معلومات واضحة عنه سوى أنه دلالة متزايدة على تزايد حضور الجماعات الموالية لتنظيم «القاعدة» في قطاع غزة منذ سيطرة حركة «حماس» عليه قبل أكثر من عام.

الجديد بشأن هذه المجموعة الحديثة الولادة هو أن يُدعى صحافيون علناً إلى معسكر تدريب معروف في قلب قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة «حماس» للإعلان عن تنظيم مسلح جديد.

حركة «حماس» كانت افتتحت سيطرتها على قطاع «غزة» بحرق مؤسسات إعلامية، وهي طوقت من ضمن ما طوقت مساحة ضئيلة من الحريات فتمنع مثلاً صحافيين من تغطية جريمة قتل منظم (كما حدث قبل أسابيع قليلة بحق عائلة حلّس)، أو تقييد عمل الصحافيين الأجانب، عدا عن سلسلة لا تنتهي من منع وحجب صحف وإذاعات والاعتداء على شريحة واسعة من المراسلين والعاملين في حقل الإعلام، من دون أن نغفل مدى تدهور الحريات بشكل عام في القطاع.

أن تعلن جماعة أصولية مسلحة عن نفسها بشكل مباشر وأمام الإعلام فهذا أمر تمّ برعاية ومباركة «حماس»، التي تقول المعلومات إنها تسمح لناشطي «جيش الأمة» بالعمل في إطار تفاهم غير مكتوب، لكنه يقضي بعدم تدخل الجماعة المسلحة (أي جيش الأمة) بالسياسات الداخلية الفلسطينية وبعدم استعمال القوة لفرض معتقداته على سكان غزة.

يترافق ذلك مع إمعان «حماس» في التضييق على النشاط الصحافي والإعلامي الذي من المفترض أن يتقصى ظاهرة «جيش الأمة». فوجود «القاعدة» أو نسخ منها في القطاع أمر أشار إليه الرئيس الفلسطيني محمود عباس منذ أكثر من سنة وتسربت معلومات عنه في أكثر من وسيلة إعلام وفي أكثر من مناسبة. لكن غزة ما زالت مقفلة على إمكانات الرصد والمتابعة، ولهذا بقيت رغبات تقصي ظاهرة «جهاديين سلفيين» في غزة أمراً غير متحقق ناهيك عن رصد ظواهر عديدة أخرى.

إعلان «جيش الأمة» عن نفسه في منطقة تسيطر عليها «حماس» يمكن أن يمثل رغبة «حماسية» في تمرير أمر أو رسالة ما لأكثر من جهة وطرف. كما يمكن أن يكون مؤشراً لتحقيق «القاعدة» اختراقاً في القطاع.

أدوات التحقق والتثبت من ذلك تبقى منعدمة في ظل القبضة «الحماسية» على المدينة والقطاع.