نحن والشقيقة

TT

عجيب أمر لبنان مع شقيقته وكأن الشقاق والشقاء قدر الاشقاء، لا تمر قضية من دون ازمة تولد ازمات، ولا يحسم ملف الا بالحديد والنار او بتدخل خارجي يرسم ملامح الاخوّة وحدودها ليلقنها للشقيقين. ويصر النظام في الشقيقة على صحة نهجه تجاه لبنان، علما انه يعتمد منهجية تخلو من ابسط مقومات العلاقة المتوازية او حتى المتوازنة، ويمكن لمن يشاء ان يلحظ اختلال جانب اساسي من هذه العلاقة اللدودة عبر التناقضات التالية:

ـ يدعم النظام في سورية المقاومة في لبنان، وصولا الى فلسطين والعراق، ويحرّمها على الشعب السوري.

ـ يخوّن اي مسؤول لبناني يتصل بالولايات المتحدة الاميركية، في حين يتصل باسرائيل ويرفض التفاوض معها من دون رعاية اميركية كاملة.

ـ يعيب على السنيورة استقبال رايس في حرب تموز، بينما كان يفاوض العدو الاسرائيلي سرا لينتقل الى العلن بعد اغتيال الشهيد عماد مغنية في قلب دمشق.

ـ يدعم لبنان في حربه مع اسرائيل لاستعادة أسراه، ويبخل بمعلومة عن المعتقلين والمفقودين اللبنانيين في معتقلاته.

ـ يصر على الالتزام بما يجمع عليه اللبنانيون، ويصف غالبيتهم بالمنتج الاسرائيلي.

ـ ينادي بوحدة المسار والمصير، فيترك لبنان وحيدا في الحرب مع اسرائيل وينفرد هو بالتفاوض معها.

ـ يدعم لبنان بالسلاح لتحرير آخر شبر من مزارع شبعا، ويتغاضى عن تحرير آلاف الكيلومترات في الجولان.

ـ يفتخر بالمواقف البطولية للسيد حسن نصرالله، ويمنع أي مسعى سوري للتمثل به او استنساخ تجربته.

ـ يعتبر العلاقة مع ايران جزءا من النضال القومي، ويتهم اللبناني المتحالف مع المملكة العربية السعودية بخيانة مستلزمات العروبة.

ـ ينادي بالوحدة العربية، ويملك اسوأ العلاقات مع لبنان والعراق والسعودية والاردن، ويشوب التوتر علاقاته بمصر ومعظم الخليج العربي.

ـ يدين توقيف الضباط اللبنانيين الأمنيين الأربعة المتهمين باغتيال الرئيس الحريري، ويسجن المثقفين السوريين لارتكابهم جريمة «اعلان دمشق».

ـ يرفض ترسيم حدود مزارع شبعا لوجود اسرائيل فيها، ويقبل بالتفاوض مع اسرائيل حول ترسيم حدودده، وصولا الى المساومة على اطراف بحيرة طبريا.

ـ يخوّن الاعلام اللبناني الذي ينتقد اداء النظام في سوريا، بينما يخوّن اعلامه اللبنانيين ومسؤوليهم بالجملة.

ـ يدين ويخوّن معظم الطبقة السياسية اللبنانية التي شارك، تاريخيا، بصناعة الجزء الاسوأ منها.

من نافلة القول التأكيد ان العلاقة الممتازة مع سوريا شعبا ودولة هي المدخل للبنان متماسك ومعافى، ولسوريا قوية. ومن البديهي ان بعض اللبنانيين تمادى في سرعة وقوة انقلابه على النظام في سوريا لأسباب باتت اشهر من الشهرة نفسها. لكن هل المشكلة فقط ان بعض اللبنانيين انقلب على النظام في سوريا، وان معظم العالم العربي وجزءا من العالم دخلا في مؤامرة الانقلاب؟ ام ان النظام في سوريا يتقلّب الى حد التناقض مع الذات، حتى صح فيه القول المأثور: لكثرة ما تقلّب راح يسأل ما بال الكون ينقلب؟