قمة دمشق.. رأيتهم في ورطة!

TT

بعيداً عن المجاملات الدبلوماسية التي طغت على قمة دمشق الرباعية، يلاحظ أن القمة كشفت عن ورطة أكثر مما أظهرت حلولا، أو انسجاما في المواقف. والورطة هنا هي في طبيعة الصراع الدائر في المنطقة العربية، وطبيعة ما يريده كل طرف في المنطقة.

فبعد أن أعلن الرئيس ساركوزي أنه سيطلب من نظيره السوري المساعدة في حل ملف إيران النووي وإقناعها بضرورة التعاون مع المجتمع الدولي، أطلق تصريحا قيّد فيه كل جهد للإقناع أو الوساطة. وذلك حين صرح ساركوزي تصريحا لا يمكن وصفه إلا بالخطير، عندما قال إن إيران «تقوم بمجازفة خطيرة بمضيها قدما في عملية الحصول على قدرات نووية عسكرية». وذهب الرئيس الفرنسي إلى حد تحذير طهران مباشرة بالقول «في يوم من الأيام، وبغض النظر عن شكل الحكومة الإسرائيلية، قد نجد إسرائيل ذات صباح تضرب إيران»، ووقتها لن يكون الحديث عن شرعية الضربة الإسرائيلية على إيران من عدمها، على حد قوله.

فما هي دلالات هذا التصريح؟ أعتقد أنه يكشف أمرين؛ الأول أن فرضية تلقي إيران ضربة عسكرية بسبب طموحها النووي ما زالت قائمة بشكل جدي، من قبل الإسرائيليين تحديدا، وحتى الفرنسيون لا يضمنون كيف ومتى ستكون.

الأمر الآخر، عندما يصرح ساركوزي بهذا التصريح في دمشق، فهذا يعني أن الفرنسيين يصعبون مهمة السوريين، أو أنهم يشكون في مقدرتهم على إيصال مثل هذه الرسالة، وإلا إذا كان ساركوزي مقتنعا بما ستقوم به سورية فحريٌّ به عدم إطلاق مثل هذا التصريح الخطير، فأي وساطة تلك التي ستقوم بها سورية وقد قطع ساركوزي قول كل «وسيط»!

ومن خلال تصريح ساركوزي يتضح أن السوريين أنفسهم سيكونون في ورطة حقيقية في حال قامت إسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية لإيران، ففي أي الاتجاهات ستتحرك سورية، وما الذي ستفعله حيال مفاوضاتها مع إسرائيل؟

أمر آخر مهم، ويناقض الحديث الفرنسي عن إيجابية دمشق في لبنان، حيث أن الرئيس السوري تحدث عن لبنان وكأنه محافظة سورية، فيما يختص بأحداث طرابلس، وبلغة أظهرت الرئيس اللبناني وكأنه قائد للجيش السوري.

كل ذلك حدث أمام الرئيس ساركوزي، خصوصا أن الرئيس السوري تحدث عن التطرف «السلفي» وقال إن دولا تدعمه بشكل رسمي، وبالطبع واضح ما يقصده الرئيس السوري، فكيف سيقنع ساركوزي واشنطن أو الرياض أو القاهرة بأن جدارا من الثقة يبنى مع دمشق؟

وهذا ليس كل شيء، فالرئيس السوري تحدث عن الاستقرار والسلام، بل وذهب بعيدا في الكشف عن مقترح لحل مشكلة دارفور من ثلاث نقاط، واللافت للنظر في المقترحات الخاصة بأزمة السودان كان البند الأول الذي يقترح تأجيل موضوع المحكمة لمدة عام، ما يعني بالطبع ضمان تمرير المرحلة المقبلة التي ستدخل فيها واشنطن في معمعة الانتخابات الرئاسية.

إلا أن السؤال المهم هو: ماذا لو تحركت محكمة رفيق الحريري الدولية قريبا؟ فما الذي سيحدث، وما الذي سيترتب عليها؟

أليسوا في ورطة؟

[email protected]