الملكة

TT

بناءً على ما قرأت وسمعت، أريد أن استعرض لكم كيف تقضي الملكة اليزابيث الثانية يومها (العادي) في حياتها الشاقة، وإذا كانت هناك قارئة من القارئات تتمنى لو أنها كانت ملكة ـ وأكيد هناك الكثيرات ممن يتمنين ذلك ـ أقول: إذا كانت هناك بنت تتمنى ذلك فلتقرأ وتتدبر وتتأمل فقد تعيد حساباتها في ما بعد، وإليكم البرنامج:

في الساعة السابعة صباحاً، عليها أن تنهض من فراشها، سواء كان الجو مطيراً أم مشرقاً، وتشرب قدحاً من الشاي.

في الساعة الثامنة، تكون قد استحمت وارتدت ملابسها وقرأت البريد الخاص.

في الثامنة والنصف، تتناول طعام الإفطار مع زوجها ويستمعان إلى نشرة الأخبار ويتبادلان التعليق.

في التاسعة تسرع إلى مكتبها، ويكون في انتظارها سكرتيرها الخاص ومعه التقارير الحكومية والمذكرات والبريد والبرنامج اليومي، سواء كان وضع حجر أساس، أو إزاحة ستار، أو وضع إكليل زهور، أو زيارة مستشفيات، أو حضور حفلات استقبال.

في العاشرة والنصف، تستقبل مدير قصر (بكنغهام) الذي تقطنه والمكون من (640 غرفة)، ويديره (200 مستخدم)، وهي تحرص على كل ما يتعلق بالقصر من الإصلاحات والصيانة والنظافة، وبعد أن تنتهي من ذلك لا بد أن تذهب إلى المطابخ التي تبتعد (400 متر) لتراجع مع الطباخين قوائم الطعام اليومية، وما يتعلق بالدعوات الأسبوعية. وفي الحادية عشرة والنصف يصل أمين خزانة الملكة الخاصة، لتراجع المخصصات والضرائب المستحقة.

وفي الثانية عشرة تتناول قهوة الظهيرة، وترد على جميع الاتصالات التليفونية. وفي الثانية عشرة والنصف تبدأ الملكة بسلسلة من المقابلات على ألاّ تزيد كل مقابلة على ربع ساعة، وقبل أن تنتهي هذه المدة بثوان تقوم هي وتمد يدها لمصافحة ووداع الذي استقبلته. وفي الواحدة والنصف تدعو هي وزوجها أحد السفراء إلى مائدة طعام الغداء. وفي الثانية والنصف، تذهب إلى غرفتها لتغيير ملابسها، للخروج لتلبية مواعيد ما بعد الظهر.

ويجب عليها أن تخضع (للبروتوكول) مهما كان، ففي إحدى زياراتها لدولة استوائية وفي عز الصيف، كان يتوجب عليها (كمجاملة)، أن تكون مرتدية ثوبها الثقيل المطرز بأسلاك الذهب وطوله عشرات الأمتار، وتضع على رأسها تاج الماس الثقيل، وأن ترتدي القفازات البيضاء الطويلة، وظلت تتحرك لساعات طويلة بين الجماهير وهي بهذه الملابس الثقيلة تحت الشمس الاستوائية المحرقة، وقال لها الحاكم يريد أن يخفف عنها، لقد تحملت يا صاحبة الجلالة مشقة كبيرة، فابتسمت له قائلة: أبداً إنني مرتاحة، غير أنني أخشى فقط على خيوط الذهب هذه أن تذوب من شدة الحرارة.

أما مأساتها الحقيقية في نظري، فهي عندما تذهب في زيارة لدولة ما، وتستمر هذه الزيارة لعشرة أيام مثلا، فهذا يتوجب عليها أن ترتدي كل يوم خمسة فساتين حسب الأوقات والمناسبات، وكل فستان مختلف ولا يتكرر، ومعنى ذلك أنها سوف ترتدي (50 فستاناً) جديداً، ويتطلب منها أن تجرب كل واحد ما بين ثلاث إلى خمس مرات، أي عليها أن تقوم بـ(250 تجربة) لثيابها الجديدة.

ويقول أحد واصفيها: إنها أثناء أداء عملها، فإن عينيها الزرقاوين تكتسبان تعبيراً بارداً، يعكس شيئاً من الإحساس بالوحدة الذي يفرضه التاج عليها، إذ يقتضي منها عملها كملكة تفرغاً لواجبات لا تنفذ، فإذا كان هناك تعارض بين الحب والواجب، أو بين المتعة والواجب، أو حتى بين الإرهاق والواجب، فليس هناك من ثمة غير قرار واحد ألا وهو (الواجب).

فهل ما زالت الفتاة (الحماسيّة) تود أن تكون (ملكة)؟!

إنني شخصياً أود أن أكون طباخ الملكة لا زوجها.

[email protected]