«تخمة» حماس

TT

تصريح لافت للنظر أطلقته مصادر فلسطينية في دمشق عبر صحيفتنا قبل أيام مفاده، أن حركة حماس الإسلامية باتت مصابة بتخمة مالية، في الوقت الذي لا تعطي فيه لأهل غزة ولو رغيف خبز واحدا، ما عدا الصرف على قرابة 18 ألفا من المسلحين المحسوبين على الحركة، بواقع 16 مليون دولار شهريا.

يأتي هذا التصريح، في الوقت الذي تحدث فيه المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية عبد العزيز محمد الركبان لصحيفة «القبس» الكويتية حول الوضع الإنساني المأساوي للفلسطينيين في قطاع غزة، وكيف أن قرابة 60% من أهل القطاع يعيشون على 1,5 دولار في اليوم، بينما 80% يعتمد بقاؤهم أحياء على المساعدات.

أمر محير، فمن نصدق المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الذي تحدث عن وضع مأساوي في غزة، أم الفصائل الفلسطينية المعارضة لحركة حماس، والتي تتهم الحركة الإخوانية بالتخمة المالية؟

في ظل تلك الحيرة ما بين معارضي حماس، والمبعوث الدولي، وقعت عيناي على تصريح للناطق باسم كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، والذي ساعد في وضع النقاط على الحروف. إذ يقول أبوعبيدة الناطق باسم القسام بأن كتائب القسام أصبحت جيشا أشبه بالجيوش النظامية الكبرى، من حيث الإعداد والدقة، وذلك من خلال تجنيد الكثير من الشباب في غزة، وان الحركة تقوم بتجنيد للشباب، ودائما ما تقوم بتطوير قدراتها وتطوير مقاتليها.

فكيف يكون الحديث منصبا عن كسر حصار غزة ورفع الضرر عن أهلها، بينما حماس ترسخ جهودها على تجنيد الآلاف من المقاتلين وتصرف عليهم. من الواضح أن أولوية حماس هي رعاية مسلحيها على حساب أهل غزة ومعاناتهم! أوليس هذا عبثا بأهل غزة، وامعانا في المتاجرة بمعاناتهم الإنسانية، وما وصل إليه حالهم من فقر وحاجة؟

كما أن السؤال هنا يصبح ملحا حيال الهدنة التي التزمتها حماس مع إسرائيل، فهل هي من أجل رفع المعاناة عن أهل غزة، ومحاولة ترتيب أوضاعهم، بعد طول معاناة، أم أنها فرصة تستغلها حماس لترسيخ انقلابها على السلطة الفلسطينية، وقمع كل المعارضين لها في غزة، بطردهم من وظائفهم التعليمية والطبية وغيره من المتبقي من مؤسسات غزة لفرض آيديولوجية الحركة الإخوانية؟!

فمن الواضح أن هدنة حماس، عدا عن أنها من أجل تعزيز سيطرة الحركة على غزة، فهي كما قلت في مقال سابق، جاءت في سياق تعليمات صدرت بالانبطاح في لبنان وغزة وغيرها، وجميع المعطيات تشير إلى أن آخر ما تكترث به قيادات حماس، هو معاناة أهل غزة.

حماس لم تتعلم من أخطائها، ولن تتراجع عن انقلابها وشق الصف الفلسطيني، مثلما أنها غير معنية بمعاناة أهل غزة، وكل حديثها عن الحوار والمفاوضات مع فتح هو من أجل ذر الرماد في العيون، وعملية شراء وقت.

المشكلة ليست في حماس وسياساتها، وانما في من يمولونها، ويدعمونها سياسيا، فكل هؤلاء ما هم إلا تجار القضية الفلسطينية، وشركاء في معاناة أهل غزة.

[email protected]