وزيرة العدل حامل!

TT

في عقد السبعينات من القرن الماضي ابتعثنا مجموعة من منسوبي وزارة التربية والتعليم ـ وما أدراك عن منسوبي وزارة التربية والتعليم ـ إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وفي الأسبوع الأول من وجودنا هناك أراد أحدنا أن يتودد لجارته الأمريكية، فنعت طفلتها الصغيرة بالجمال، وأردف قائلا:

ـ ولكن أين زوجك، فأنا لم أره منذ سكني هنا؟!

فردت الأمريكية ببرود:

ـ وهل بالضرورة أن يكون لي زوج لكي أنجب هذه الطفلة الجميلة؟!

فابتل صديقنا بعرقه، واضطربت أعصابه، وتلاحقت أنفاسه، ولم يجد ما يفعله غير مغادرة المكان، وهو «يحسبن»، و«يحوقل»، ويمقت «اللقافة» التي دفعته لطرح مثل ذلك السؤال.

وفي المسلسلين التركيين «نور» و«سنوات الضياع» اللتين عرضتهما علينا قنوات (إم بي سي) في الفترة الماضية صدمت الكثير من المشاهدين الأحداث التي يتم فيها الحمل من دون زواج، وما أكثرها في المسلسلين، وتساءل البعض:

ـ هل الحياة في تركيا بلغت هذا الحد؟

وظهر من يؤكد بأن تركيا بخير، وما تعرضه المسلسلات لا يمثل الواقع التركي ولا يعبر عنه.

بالأمس كانت صدمة فروقات القيم بين المجتمعات على أشدها حينما ظهرت وزيرة عدل فرنسا «العزباء»، المغربية الأصل رشيدة داتي (42 عاما)، وهي حامل، لتواجه سؤال الصحافة عن الأب بالقول:

ـ «حياتي الخاصة معقدة، وهناك حدود ألتزمها حيال الصحافة، فلن أقول شيئا عن الموضوع».

ولم تعتبر الحكومة الفرنسية حمل وزيرة العدل خارج إطار الشرعية قضية، واعتبرتها شأنا خاصة بمعالي الوزيرة وحدها، تماما كما استقبل الأمريكان خبر حمل المراهقة «بريستول» ابنة مرشحة الحزب الجمهوري لمنصب نائب الرئيس..

وسمع الخبر جاري، وراح يفتل طرفي شاربه، وهو يقول:

ـ على الدنيا السلام!

ومهما قلنا بأن العالم قد غدا قرية صغيرة شماله كجنوبه، وشرقه مثل غربه، فإن فروقات القيم بين المجتمعات متباينة، فبعض ما هو مقبول في الغرب تغلي من أجله الدماء في الأوردة في الشرق..

وهذا جاري يتنحنح اللحظة بعد أن فرغ من برم أطراف شاربه ويقول:

ـ «سيظل الشرق شرقا، والغرب غربا، رغم أنف العولمة».

ثم يسحب نفسا من «أرجيلته» ويغيب وجهه خلف دخان كثيف.

[email protected]