الكلمة الضاحكة

TT

التورية اللغوية من فنون البديع العربية الرئيسية. وهي بصورة عامة تستهدف المداعبة والمفاجأة ودغدغة المستمع. قرأنا منها في المدرسة هذا المثل النمطي الكلاسيكي في قول الشاعر:

يا فاتنا زاد حسنا له البرايا عبيد

أنت الحسين ولكن جفاك فينا يزيد

وافتتن الأدباء والشعراء العرب في عهد الانحطاط في القرون الوسطى بهذا النوع من الفذلكات والألاعيب اللغوية. ولكن هذا الفن أخذ يلعب دورا في اللغة السياسية المعاصرة والسخرية من الأنظمة القائمة.

في جلسة صاخبة في مجلس النواب العراقي في أيام الخير، أيام العهد الملكي، راح أحد النواب يدافع عن سياسة رئيس الوزراء نوري السعيد ويقول إنها تصيب الأهداف المنشودة ونحو ذلك. تبعه الشيخ محمد رضا الشبيبي من نواب المعارضة فقال: «صحيح! آراء رئيس الوزراء كلها مصيبة!».

جرى ذلك النقاش الحاد في الكويت عن السماح للمرأة بالتصويت ودخول مجلس النواب. فقال أحدهم، عندما يدخل رجل المجلس يقال له إنه نائب. ولكن ماذا نقول إذا دخلت المرأة المجلس؟ لا شك أنها ستكون «نائبة!». نائبة من نوائب الدهر!

وفي مصر، تحدث الظرفاء بعد الزيارة التاريخية التي قام بها أنور السادات إلى الكيان الصهيوني ووقع اتفاقية السلام مع إسرائيل. تساءل أحدهم فقال ماذا ينوي سيادة الرئيس هذا العام؟ هل سيحج، أم يقدس؟ أجابه الآخر فقال: لا، سيادة الرئيس مصهين السنة دي.

مصهين تعني أيضا في العامية المصرية الرجل غير المكترث بشيء. وهذا هو أساس فن التورية، كلمة تعطي أكثر من معنى واحد. وهي بدعة معروفة عند سائر الأمم. في الإنجليزية يطلقون عليها كلمة «بن» (pun).

لعب المصريون بعد نكسة 5 يونيو على اسم عبد الحكيم عامر ومشتقاته ومنها «التعميرة التي يقال إن تجار الحشيش اشتقوها من اسم المشير». قالوا إن رجلا استضاف آخر للعشاء. وبعد أن هم الضيف بالخروج بادر إلى التعبير عن امتنانه للمضيف فشكره وقال، ربنا يجعلها ويجعل بيتك عامر.

«لا وحياتك! اعمل معروف! إحنا مش ناقصين نكسة تاني».

وبعد التخبط والفشل الذي وقعت به حكومة توفيق السويدي في العراق، سمعوا أحد المسؤولين يعزو ذلك للظروف النحسة التي مر بها البلد. أجابه الآخر، «صحيح. المسألة هي إحنا توفيقنا زفت».

www.kishtainiat.blogspot.com