طرابلس.. صراع الضرس الملتهب!

TT

كالعادة هناك من يحاول التبرير للسوريين في لبنان، كما أن هناك من يحاول المناكفة من خارجها إذا تعلق الأمر بسورية، علما بأن العزلة والربكة السورية واضحة، وكل ما نراه هو محاولات من أجل كسر تلك العزلة.

البعض حاول تفسير تصريحات الرئيس السوري حيال طرابلس على أنها قلق، وحرص، أي أن الرئيس السوري يمون على نظيره اللبناني، والبعض الآخر يرى أن في طرابلس إرهابا حقيقيا، وأن ما يحدث في شمال لبنان هو نتاج أخطاء 14 آذار.

في الثاني من يوليو 2008 كتبت تحت عنوان «انتقام حزب الله من السوريين» وقلت إن الحزب الإيراني يريد إشعال النار في طرف الثوب السوري في طرابلس من خلال إشعال فتيل المواجهة بين العلويين والسنة، وما زلت على قناعة بذلك. أثناء تلك الفترة كان تعليق المسؤولين السوريين، ومن ضمنهم الرئيس السوري، على مواجهات السنة وعلويي جبل محسن أنها لا تؤثر على سورية، والأمر نفسه كرره السيد وليد المعلم، خصوصا بعد أن أصدر الإخوان المسلمون السوريون بيانا يندد بما يفعله العلويون في طرابلس وقتها.

اليوم ما الذي تغير، ولماذا بات السوريون يتحدثون جهارا عن خطر طرابلس؟ يقول لي مطلع على أحداث طرابلس «السوريون يحاولون قلب الطاولة، وضرب عصافير بحجر. يحمون العلويين، ويعودون إلى لبنان، وفق تفهم دولي، خصوصا أن دمشق باركت التدخل التركي في العراق، والروسي في جورجيا».

ويضيف مصدري أنه بهذه الطريقة تكون سورية سددت ضربة للسنة في طرابلس، ووضعت عينها في عين حزب الله، الذي سيتعامل معها ببراغماتية عالية في ذلك الحين، وعادت إلى لبنان كحام للأمن والاستقرار.

وهذه قناعتي أيضا، فالسوريون ليسوا ناصحين، كما يردد بعض أعوانهم في لبنان، ولا الخطأ خطأ قوى آذار كما يردد البعض، فهناك من يريد استكمال انقلاب بيروت، وضرب أصوات أبناء الشمال بأي طريقة كانت استعدادا للانتخابات القادمة.

وهذا تحليل مبني على قراءة سلوك حزب الله في أعقاب انقلاب بيروت؛ فتصريحات الموالين للحزب، ومنذ اتفاق الدوحة، دائما ترتكز على أنه من الضروري مراعاة ما تحقق على الأرض. وكلنا يعرف أن ما تحقق على الأرض هو انقلاب على بيروت، وتفرد لحزب الله الإيراني على أرض الواقع في لبنان، وبقوة السلاح بالطبع.

ولا بد أن نتذكر أيضا أن الحقائق تقول إن السوري يفاوض إسرائيل، وسينتقل إلى مفاوضات مباشرة، أحد أهم بنودها سيكون سلاح حزب الله، والعلاقة معه. وأفترض أن المراقب لم ينس أن عماد مغنية قد اغتيل في دمشق!

طرابلس بدورها استشعرت مذلة ما حدث في انقلاب السابع من أيار، ولا أنسى عندما التقيت أحد قادتها بعد الغزو، وهو الهادئ اللطيف، وقد رأيته في غضبة لا تشبهه.

ولذا فطرابلس مثل الضرس الملتهب الذي التقى عليه الماء البارد والحار فجأة، والحار والبارد هما السوري وحزب الله، وكلاهما يريد المزيد من التهابه، ولا يكره اقتلاعه، أما العقلاء فيريدون علاج الضرس لأنه في صحة جيدة، ولا يمكن الأكل من دونه.

[email protected]