أسرار قابلة للتداول!

TT

منذ زمن لم أقرأ كتابا ورقيا في جلسة واحدة غير هذا الكتاب، الذي كتبه الصحافي والكاتب السعودي علي خالد الغامدي بعنوان «أسرار قابلة للتداول»، فلقد ضم الكتاب منظومة من المواقف والطرائف والأحداث الصحافية التي عاشها الكاتب إبان عمله الصحافي الذي امتد إلى نحو أربعة عقود، توزعت في الغالب بين صحيفتي «المدينة» و«الرياض»..

لعلي خالد الغامدي أسلوبه الساخر الذي عرف به كاتبا وصحافيا، وتبرز هذه السخرية بوضوح في اختياراته لعناوين فصول كتابه مثل: «مهنة الثعالب»، و«أوسخ الصحف انتشارا»، و«صحفي بقرنين»، وقد عرف عن علي في شارع الصحافة أنه مهندس عناوين من طراز نادر، وإن كان اهتمامه لا يقف عند حدود العنوان بل يمتد إلى كل سطر يخطه، حتى لتكاد تميز أسلوبه الأنيق من بين مختلف الأساليب..

كتاب علي خالد الغامدي «أسرار قابلة للتدوال» هو الكتاب رقم 15 بالنسبة لمؤلفه، وقد حرص في هذا الكتاب أن يتوقف عند بعض التفاصيل الصغيرة والطريفة والظريفة في شارع الصحافة، والتي لا يتوقف عندها الكثيرون ممن يكتبون عن الصحافة، وتاريخها، ومراحلها، وقياداتها، ولتلك الذكريات قدرتها التشويقية حينما يتشابك سردها مع ذكريات الآخرين الذين عاشوا معه أجزاء منها في مقهى الصحافيين في حي الشاطئ الجنوبي في مدينة جدة، حينما كانت تعتصر بعض الليالي الحزينة دموعها، فتتساقط على المقهى قطرات من الندى تبلل الأوراق والأحاديث وأباريق الشاي..

يصف علي في الكتاب أربعا من قيادات فريق العمل الصحافي الأول الذي اشتغل معه في بداياته المبكرة فيقول:

«هاشم عبده هاشم كان أكثر رقة، يشعرك بأنك على وشك أن تصبح شخصا مهما في هذا الميدان المعقد، فإذا تركته راودك الحنين إليه مرة أخرى.. سباعي عثمان كان أكثر تهذيبا، فتشعر وأوراقك بين يديه، وتحت نظارته السميكة أنك أمام أديب لا يتعالى عليك، ولديه الاستعداد لتوجيهك.. أحمد محمد محمود أكثر جدية، وسرعة، يقرأ بيديه قبل عينيه، يتسلم مادتك الصحافية دون أن يسألك عن شيء، ويعمل بقلمه السريع عليها كل ما تحتاجه من ترميمات، وبعدها يرحب بك فتحبه رغم هذا البطء في الترحيب.. محمد صلاح الدين (المايسترو) أكثر دقة لا يسمح لك بالجلوس أو الانصراف إذا كانت مادتك الصحافية يشوبها شائب.. تمنيت ألا أراه عندما أحضر، ومعي موادي الصحافية، وكانت أمنيتي تتحقق حينا، وتخيب أحيانا».

باختصار: «أسرار قابلة للتداول» كتاب بسيط يمكنك أن تألفه كصديق يقول لك بعفوية كل ما في قلبه.

[email protected]