ثمن الهيام.. ثمن الانتقام

TT

خرج مقتل سوزان تميم من إطار الجريمة العادية إلى دائرة الجريمة الكبرى. ليست هناك فقط عناصر الانتقام الشخصي، بل هناك المحرض وهناك المنفذ وهناك مال بلا حدود، ثمنا للهيام وثمنا للانتقام، وهناك أسماء كبرى في المال وفي السياسة. وهناك الصحافة التي لا تشفق على ذكرى جميلة مقتولة أو شهير متهم. وقد انصرفت صحف مصر، الجادة وسواها، عن أخبار السياسة وتدشين مشاريع الري، إلى الاختلاف حول اغتيال سوزان تميم في دبي، التي اختارتها دون أي مكان آخر.

وقد تصرفت دبي على هذا الأساس. واكتشفت الفاعل خلال ساعات. وأبلغت القاهرة بالدلائل والتفاصيل. وحافظت على سمعتها الأمنية القائمة على قاعدة الميكانيك الياباني: مائة في المائة. وإذا حدث خرق فلا يطول سرّه. وقد أذهلت التفاصيل الناس. ولم يصدق أحد أن رجل أعمال في مثل هذا المستوى وهذه المكانة يمكن أن يلجأ إلى هذا الأسلوب المزعوم. ولن نصدق غدا ما سيرشح من تفاصيل وما سوف يتخيل من مزاعم وحكايات. فكل الأسماء في القضية مكتوبة بالنيون والألوان. وثمة مآرب كثيرة، سياسية وشخصية ومالية.

لكن ثمة حقيقة واحدة لم تعد مثار بحث أو جدل. هناك ضحية بائسة قطّعها مجرم ثم غيّر ثيابه وقبعته واستقل الطائرة ليكمل السهرة. وكانت سوزان تميم تعرف أن قاتلا يطاردها. ويروي شاهد غير عربي أنه شاهدها بالصدفة في لندن قبل أسبوع من اغتيالها. قال انه رآها في مكتب للسفر، وكانت صفراء اللون ومنهكة ولا تقوى على رفع رأسها. وكانت تفيق ثم تنام على المكتب والموظف لا يدري ماذا يفعل. وفي النهاية رافقها إلى سيارة التاكسي بصعوبة فائقة. ولما عاد شرح للشاهد أن هذه الحسناء الصفراء اللون فنانة من لبنان. وقال الشاهد للموظف إن هذه السيدة لن تعيش أكثر من أسبوع. غير أنه كان يتوقع أن تنهار تماما، لا أن تغتال بخنجر يدفع شاريه ثمنه ببطاقة ائتمان، ثم يمر على كافة كاميرات المبنى الذي تسكن فيه تميم قبل أن يقتلها ويغير ثيابه إلى جانب جثتها. غير أن الجريمة الكاملة، كالعادة، ينقصها دائما تفصيل صغير. وهكذا نسي المتهم نقطة دم واحدة على ثيابه تبين أنها من دماء سوزان تميم.

ليس هذا الفصل الأخير بعد. سوف يكون هناك نفي كثير وسوف يتراجع المتهمون عن إفاداتهم وسوف نشهد محاكمات مثيرة. وسوف تبقى هناك ضحية واحدة، خدعتها الأضواء ولم تدرك أن نهايتها عتم.