لا لتسليح العراق

TT

الحديث عن رغبة الحكومة العراقية في شراء أسلحة متطورة، من طائرات ومروحيات حربية، أمر يجب أن يكون مثيرا لأبناء الشعب العراقي، ومكوناته السياسية، قبل أن يصبح مثيرا للدول العربية، وتحديدا دول الجوار.

قد يكون من السهل تقبل وتبرير رغبة حكومة السيد نوري المالكي في شراء الأسلحة من واشنطن لو كانت من أجل تدعيم قوات سلاح الحدود العراقي ومساعدته في تأمين حدود بلاده ضد المتسللين من الإرهابيين، أو تجار المخدرات.

والأمر نفسه سيكون مقبولا في حال كانت الأسلحة المرغوب في شرائها متعلقة بتأهيل الأمن الداخلي العراقي، وتوظيف عدد أكبر من رجال الأمن، من مرور وشرطة ومباحث واستخبارات، بشكل احترافي، يصاحبه تنقية تلك الأجهزة من الميليشيات التي تخترق الأمن في العراق.

أما تزويد حكومة بغداد بأسلحة عسكرية قتالية متطورة بمليارات الدولارات، فهو أمر مريب، ومحير؛ فكيف، وأين ستستخدمها القوات العراقية؟ فدول الخليج لا تشكل تهديدا للعراق، ولن تقوم بغزو بغداد، ولا أعتقد أن لدى السوريين نية لاحتلال العراق.

فهل تنوي حكومة بغداد استخدام تلك الأسلحة ضد الأتراك إن هم عادوا وتوغلوا في الأراضي العراقية لملاحقة الأكراد؟ بالطبع لا! إذاً لماذا كل تلك الأسلحة المتطورة؟ وكلنا يعلم أن حكومة المالكي لن تستخدم تلك الأسلحة ضد إيران بالطبع، إذاً ما هو مبرر الأسلحة القتالية المتطورة!

ولذا فمن حق الأكراد أن يتخوفوا من هذه الصفقة، ومثلهم الكويتيون، وحتى لدى العرب ما يبرر قلقهم، خصوصا الذين ما زالت بغداد تطالبهم بإعفائها من الديون المترتبة عليها. فكيف سيبرر العراق مطالبه بإسقاط الديون وهو يشرع في إنفاق ما لديه من أموال في شراء الأسلحة القتالية.

كان الاعتقاد بأن حكومة المالكي كانت في حاجة للأموال من أجل إعادة بناء البنية التحتية المدمرة للبلاد، وهو أمر أهم من السلاح بالنسبة للمواطن العراقي في جميع المحافظات، من أجل رفع المعاناة عن الناس.

ما يجب أن يقال هو أن العراق في حاجة إلى إعادة تأهيل سياسي مما يجعل مواطنيه قبل جيرانه يشعرون بالأمان والثقة، كونهم يتعاملون مع دولة ناضجة سياسيا، من حيث مؤسساتها، وبرلمانها، وجيشها، لا دولة يكون قرار الحرب فيها أمرا يدبر بليل.

ما هو معروف، وليس بسر أن بغداد مخترقة بشكل فاضح من قبل الإيرانيين، والمحسوبين عليهم، من ميليشيات، وفرق أمنية وغيرها. كما أن العراق بلد يعاني من محاصصة طائفية، وإقصاء لشرائح عريضة من المجتمع، فما هي مكونات ذاك الجيش الذي ستوكل له مهمة الدفاع عن العراق طالما أن البلد منقسم على بعضه، ولم يشرع في مصالحة حقيقية.

وطالما أن حكومة بغداد تهدف إلى شراء طائرات حربية فمن أولى، وهذا حق لكل أبناء العراق، أن تشرع في استعادة الطائرات الحربية العراقية المحتجزة لدى إيران. كما يفترض أن تشرع بغداد في التحقيق بموجة الاغتيالات التي طالت عددا من الطيارين العراقيين بعد سقوط نظام صدام حسين!

[email protected]