حكم على النوايا الأميركية

TT

تعلن الولايات المتحدة عن جميع نواياها السياسية، لأن ذلك جزء من الثوابت الأمريكية للإدارات المتعاقبة. لعل التباين في القرارات الأمريكية والتي يشير إليها البعض بين الفينة والأخرى يمكن تفسيره بمقارنة السياسات الاستراتيجية بالقرارات التكتيكية. فالاستراتيجية الأمريكية بخصوص العراق واضحة وتتمثل في عراق حر قادر على حماية مواطنيه ويحظى باقتصاد فاعل ومسيطر على قراراته السياسية حتى يعم الأمن والاستقرار في بيئة ديمقراطية توفر الأمل لجميع أبناء الشعب العراقي من دون تمييز طائفي ولا استثناء عرقي. تحقيق تلك الأهداف هو مطلب عراقي أمريكي مشترك، مما سيسمح لنا بإعادة قواتنا العسكرية إلى الأراضي الأمريكية. أما بخصوص قرار زيادة عدد القوات العسكرية الأمريكية الملحقة بالعراق بدءا

من يناير/ كانون الثاني 2007 والذي أثار انتقاد بعض المراقبين

في حينه، مدعين أنه ينافي تلك الاستراتيجية السياسية المعلنة، فقد كان قرارا تكتيكيا مؤقتا.

لقد أكدت الولايات المتحدة في حينه، أن الهدف من الزيادة العسكرية المرحلية هو لضخ دفعة جديدة من الجنود ليساندوا القوات الأمريكية التي تعمل على الأرض في العراق لتهيئة المناخ الملائم لإحراز تقدم سياسي. لقد كانت تلك الزيادة مؤقتة ولم يكن مقررا لها أن تكون مستدامة. فالأوضاع المضطربة حينها في العراق المتمثلة في ارتفاع مستوى العنف أوجدت الضرورة لاتخاذ مثل ذلك القرار. فالتدخلات الخارجية في الأوضاع العراقية من قبل عناصر مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، بالإضافة إلى إيران وجهود كليهما التخريبية لتأجيج العداء الطائفي هناك قد أضرّ بالعراق. مسؤوليتنا الأخلاقية تجعلنا نعمل من أجل مصلحة العراق والعراقيين والتصدي للأطماع والأهداف الخارجية. فعراق قوي قادر على حكم نفسه بنفسه والتصدي للتدخلات الخارجية، هو الهدف الأساس لنا وهو ما يصب في مصلحة العراقيين بشكل خاص وأهل المنطقة بشكل عام.

كانت نتيجة الزيادة العسكرية المرحلية إيجابية، فقد حققت الأهداف المحددة لها: مساعدة العراقيين على إخلاء الأحياء من العناصر الإجرامية وفرض الأمن فيها، وحماية المواطنين بالسيطرة على أعمال العنف في عموم العراق. ومن ثم بدأنا العمل على المرحلة الثانية للحملة بتسليم المسؤوليات الأمنية للجيش العراقي. وبنجاح القوات العراقية في فرض الأمن وتحقيق الاستقرار بمحاربة قوة الظلام، فإن دورنا يتحول من الخطوط الأمامية إلى الخطوط الخلفية، ومن ثم إلى دور استشاري وتدريبي.

وفي نفس الوقت فإننا لا نوهم أنفسنا بأن هذه النجاحات المشاهدة على الأرض في العراق، هي نجاحات مضمونة وباقية. فنحن نعلم أن احتمال خسارة بعض هذه المكاسب وارد إذا تراخينا أو إذا تراخى العراقيون. وما نقوم به اليوم هو توفير الدعم المتواصل للقوات العراقية، كي يتمكنوا من المحافظة على هذه المكاسب. الولايات المتحدة ترى بضرورة تحويل الملفات الأمنية إلى القوات العراقية، ولكننا نريد أن نتعاون معهم في ذلك حتى نتقدم سويا بثبات ونجاح.

الولايات المتحدة ملتزمة بالعمل مع الحكومة العراقية للتوصل إلى اتفاقية تخدم المصالح المشتركة لكلا البلدين. إننا نحترم السيادة العراقية وهذه الاتفاقية سوف تكون شفافة ولن تحتوي على أي بنود غير معلنة. وعند التوصل إلى اتفاق فستتم مناقشته في العراق وسوف يكون مطروحا للمراجعة في الولايات المتحدة كذلك. وللتوثيق فإن لدى الولايات المتحدة العديد من الاتفاقيات الثنائية الخاصة بوضع القوات مع دول مختلفة.

في هذه المرحلة يبقى الأفق الأمني محددا أساسيا نريد الاتفاق حوله ليأخذنا إلى المرحلة القادمة. وكما أننا أعلنا سابقا زيادة مرحلية في عدد القوات الأمريكية، ومن ثم قمنا بإعادة مستوى القوات إلى سابق عهده بناء على تقييم القادة العسكريين الأمريكيين في الميدان العراقي، فإننا نؤكد على أن الولايات المتحدة تعمل جاهدة على إعادة قواتها العسكرية إلى أرض الوطن، طالما ضمنا استقرار العراق.

* أحد أعضاء فريق

التواصل الإلكتروني

في وزارة الخارجية الأميركية