إنها الذكرى السابعة

TT

على مدى السنوات السبع الماضية، حرص الرجل الثاني في تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري على تكرار استعادة ذكرى ما يسميه بـ«غزوتي نيويورك وواشنطن» المشؤومتين في 11 أيلول/سبتمبر في تاريخها المحدد دونما تباطؤ. فالرجل الذي غالباً ما تصل رسائله الصوتية وتسجيلاته التلفزيونية وتعليقاته بشأن حدث أو قضية ما متأخرة نسبياً بسبب تنقلاته وتواريه «المفترض» عن الأنظار وعن أنظار رجال الأمن، إلا أنه ينجح دائماً في إعلان موقف أو رسالة صوتية أو تلفزيونية ما في هذا التاريخ المفصلي.

وإن كان العالم يستعيد المناسبة بصفتها مأساة نظراً لعدد الضحايا الذين سقطوا ولكونها تاريخاً مفصلياً في مسار العلاقة بين الغرب والمسلمين وكحدث مؤسس لسلسلة من الترددات العالمية الكبرى التي خلّفت أزمات وحروباً وانقسامات، يواصل الظواهري ومن ورائه زعيمه أسامة بن لادن إحياء هذا التاريخ واستعادته على النحو الملحمي القاعدي بصفته يوما وطنيا للتنظيم.

واحتفاء «القاعدة» الإعلامي على الأقل بالذكرى، يكاد يصبح وجه الظهور الوحيد بعد أن ثبت عجز التنظيم عن شنّ اعتداءات على غرار ما حدث قبل سبع سنوات. صحيح أن الإعلام الغربي وخصوصاً البريطاني والألماني يتحدث عن معلومات استخباراتية تتخوف من جهود «القاعدة» لتطوير ما يعرف بـ«القنبلة القذرة» لاستخدامها ضد أهداف غربية إلا أن ضعفاً عسكرياً كبيراً بات يشلّ التنظيم حتى انحسر دور الظواهري وبن لادن بتلك الرسائل الطويلة الرتيبة التي تبث عبر الانترنت أو عبر احدى الفضائيات.

والحقيقة أن القاعدة تجيد إيصال رسائلها الإعلامية عبر الانترنت بصورة أفضل مما استطاعت أميركا أن تفعله عبر إعلامها سواء التقليدي أو الافتراضي. لكن قوة القاعدة الإعلامية ناتجة عن نقاط ضعف خصومها وليس متانة التنظيم نفسه.

إنها الذكرى السابعة..

مرة أخرى يلح علينا السؤال في معاني هذه الذكرى. فبعيداً عن احتفاء «القاعدة» بهذا اليوم، ربما نحتاج كإعلام عربي وكعرب أن نسأل: ما هو موقع هذا التاريخ في وعينا وهل ما زلنا مهتمين بمحاولة إيجاد مسافة فاصلة بيننا وبين الحدث والقول إننا أبرياء منه بل وضحايا أيضاً!!

فهذه البراءة ليست بديهية مع أنه كان يفترض أن تكون كذلك.

ما سمي بـ«الحرب على الإرهاب» وسياسات إدارة جورج بوش الخرقاء وفشل التسويات ودخول مجتمعات محلية عديدة في انقسامات وصدامات أهلية باتت الشعار المرفوع في وجه أي محاولة للتبرؤ من الذكرى ومن الثقافة التي أنتجتها.

رغبتنا في إعادة فهم ما جرى في 11 أيلول/سبتمبر انعدمت بفعل تواتر السنين وبفعل ذلك الميل المزمن إلى التغاضي عن تقدير مسؤولياتنا. وأيضاً بفعل شعور خفي ينحو بنا إلى التغاضي عن هذه المأساة وردّها إلى أبلسة الغير. جميعها أسباب تقف وراء تجاوزنا لـ 11 أيلول/سبتمبر, لكن في ذلك التاريخ حدث مؤسس لسوء تفاهم كبير بيننا وبين العالم والاكتفاء بسرد ظلامتنا لن يجدي نفعاً.

diana@ asharqalawsat.com

* مقال اسبوعي يتابع قضايا الإعلام