جيل عام 64

TT

والآن أيها السيدات والسادة، وقبل أن ينتهي موسم الاجتماعات الحزبية، دعونا نتوقف للحظة، ونوقف تعصبنا الحزبي: لقد حان وقت أغنية مديح السيدة التي تبلغ من العمر 44 عاما. وسواء كنت جمهوريا أو ديمقراطيا، أو من ألاسكا أو شيكاغو، وسواء كنت من الحضر أو من الريف، وسواء كنت صائد حيوانات أو مراقب تراخيص الأسلحة، فمن المؤكد أنك تستطيع أن ترى أن سارة بالين وميشيل أوباما نجمتان من نجوم الاجتماعات الحزبية السياسية لهذا العام، كما أنهما تتمتعان بالقليل من الأشياء المهمة المشتركة فيما بينهما.

فكلاهما ولدتا في عام 1964، مما يجعلهما جزءا من نهاية عصر الزيادة السكانية ـ الذي نعيش نهايته الآن. وفي واقع الأمر، فلم تشعر أيهما بأنها جزء من هذا العصر على الإطلاق. فكلاهما فقدتا عقد الستينات وكبرتا في السبعينات، وذهبتا إلى الجامعة ثم العمل في ثمانينات عهد ريغان. وأعتقد أن حبها لعقد اللؤلؤ ذي الحبات الكبيرة يرجع إلى هذه الفترة: فقد كانت هي الموضة عندما حصلت على وظيفتها الأولى في شركة المحاماة، كما أذكر، وأعتقد أنها ربما ما زالت ترتدي هذا النوع منذ ذلك الوقت.

والأهم من ذلك ـ فيما يتعلق بالمقارنة بين السيدتين والتي ربما لا توافقان على أي شيء منها ـ أنهما تنتميان إلى أول جيل بعد الحركة النسائية. ففي وقت ذهابهما إلى الجامعة، سواء كانت برينستون أو إيداهوا، لم يكن من المستبعد للنساء أن يحصلن على تعليمهن في الجامعة. وقد تخرجت النساء الرائدات وأصبح بعضهن مدرسات في الجامعة.

وعلى الرغم من كثرة عدد النساء اللاتي اتجهن إلى التعليم، إلا أنه كان من الشائع في ذلك الوقت أن تعتقد النساء أنهن ضحايا، وقد اختار بعضهن ذلك الطريق لأنه كان يمثل روح العصر السائدة آنذاك. وعلى الرغم من أن بالين كانت تقاوم هذه الصيحة، إلا أنه يبدو أن السيدة أوباما قد تأثرت بها إلى حد ما، حيث كانت سيدة سوداء في جامعة مشهورة بأغلبية طلابها من الرجال البيض.

ولكن عندما ننظر إلى خطابها الاخير في اجتماع الحزب الديمقراطي، نشعر بأنها قد تغلبت على ذلك. وأعتقد أن خطابها ذلك قد أعد بعناية فائقة من قبل العديد من المستشارين والمتخصصين. وقد كان فحوى خطابها مهما: فقد حاولت أن تظهر نفسها على أنها امرأة ذكية وطموحة تتحاشى الظهور بمظهر «السيدة الأولى التقليدية» مثل لورا بوش أو سيندي ماكين، أو تقليد أسلوب هيلاري كلينتون. وأنا لا أعلم إن كانت سيدة مخلصة أو لطيفة بالفعل ـ فمعظم المرشحين ليسوا لطفاء، فلماذا تكون زوجاتهم كذلك؟ ـ ولكن على أية حال فليس ذلك هو القضية. ولكن القضية هي أنها استغلت أوراق اللعب الشائعة في جيلها ولعبت بها ببراعة. فهي ليست ضحية ولم تقم بتقديم نفسها في هذا الإطار.

لكن بالين التي ألقت بخطابها الأول قد هاجمت هذا الإطار كذلك. ولندع السياسة جانبا الآن وننظر إلى الأمر بموضوعية: فها هي امرأة استطاعت تربية خمسة أطفال وأن تكون من أشهر الحكام في البلاد، ومع ذلك فإنها تستمتع بالصيد وكرة السلة، وهي ليست أقل ذكاء أو طموحا أو أمومة من ميشيل أوباما، كما أنها تتمتع بخبرة مدنية كبيرة ولياقة بدنية مناسبة، وتتمتع بمزيد متعدد من الثقافات التي لا تكون واضحة المعالم تماما خاصة بالنسبة للسيدات. فماذا يعني ذهاب بالين إلى العمل في اليوم التالي لوضعها طفلها؟ فهل ذلك يعني أنها من اليمين أم من اليسار؟ وماذا يعني دفاعها عن حمل ابنتها قبل الزواج؟ هل يعني ذلك أنها نسائية أم محافظة؟ ليست هناك إجابات صحيحة ـ كما أنه ليس من السهل القول إن خطاب السيدة أوباما كان ينتمي إلى أي لون على المسرح السياسي.

وأعتقد أن بالين استطاعت تقديم نفسها بشكل مقنع: فهي على أي حال سيدة اعتادت الدخول في السباقات منذ أن كانت في المرحلة الثانوية، لكن ينبغي علينا ألا ننسى أنها امرأة ولدت عام 1964. وإليكم هذا التوقع: سوف تبدأ السياسة الأنثوية من هذا الجيل ـ جيلي أيضا ـ وسوف يتحدى هذا الجيل التوقعات.

ولندع الآن المعركة تستمر، ولتفز السيدة الأفضل.

* خدمة «واشنطن بوست»

ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»