عندما تساعد واشنطن «القاعدة»

TT

لا جدال على خطورة «القاعدة»، وضرورة التصدي لها حتى بالمواجهة الأمنية، لكن يبقى السؤال: لمن الحق في مقاتلة «القاعدة»؟ هل من حق اميركا ان تتدخل في اي بلد من اجل قتال «القاعدة»، أم يجب أن يترك الامر للدولة المعنية؟

وتتضح هذه الازمة فيما نراه من تدخل اميركي بالقوة في باكستان تحديدا. واشنطن تنتهك الاراضي الباكستانية بحجة محاربة الارهاب، دون تقدير العواقب. فالاميركيون لا يترددون في ارسال طائراتهم، واطلاق الصواريخ على الاراضي الباكستانية واستهداف تنظيم «القاعدة» ومقاتليه.

وجميعنا رأينا كيف ان سقوط الجنرال برفيز مشرف اضيف الى دروس تاريخية اخرى بسبب التحالف غير المحسوب مع اميركا. مشرف كان رجلا قويا في حربه ضد «القاعدة»، لكن احد ابرز اسباب سقوطه كان التحالف اللا محدود مع واشنطن على حساب ما يجري في الداخل الباكستاني، وإن كان جزء من تحالفه نتيجة ضغوط اميركية مهولة.

ما يجب ان تعيه اميركا هو ان مهمة قتال «القاعدة» يجب ان تناط بالقوات الباكستانية، وتحديدا على ارض باكستان، صحيح ان التعاون الدولي ضد الارهاب اكتسب بعدا عالميا، وباتت هناك شبكة من تداول المعلومات دوليا من اجل محاربة الارهاب، إلا أن القتال يجب ان يترك للبلد الذي تتواجد «القاعدة» على أراضيه.

الإشكالية، التي يبدو ان واشنطن لا تفهمها، هي ان أسوأ أمر هو عندما يواجه رجل الأمن الباكستاني «القاعدة» وهو يعتقد انه يفعل ذلك دفاعا عن اميركا. باكستان منطقة قبائل، وآخر ما يريد الباكستاني فعله هو قتال بني جلدته من اجل واشنطن. مواجهة «القاعدة» عندما تتم بقناعة رجل الامن نفسه بأن «القاعدة» اساءت لدينه، وبلاده، عندها ستكون المواجهة شرسة، ويقدم رجل الامن حياته لذلك.

يروي لي مسؤول سعودي قصة مواجهة تمت بين فرقة اقتحام امنية سعودية وخلية لـ«القاعدة». يقول المسؤول إنه عرف قبل المداهمة بان قائد الاقتحام له صلة قرابة باحد افراد الخلية المطلوبين، فاتخذ قرارا باستبدال الفرقة كاملة، وذلك تقديرا للبعد النفسي.

ويضيف المسؤول، ما هي الا لحظات واتصل القائد الذي قرر استبداله ليقول «سأنفذ التعليمات، ولكن سأستقيل، حيث حرمت فرصة الدفاع عن ديني وبلدي وسمعة من أنتمي لهم».

يقول المسؤول كانت ردة فعل القائد موضع تقدير، فأخذ القرار فورا بان تترك له مهمة الاقتحام، وكانت النتيجة، بحسب المسؤول السعودي، ان العملية كانت واحدة من اسرع واشرس العمليات ضد التنظيم، وانتهت بنجاح تام.

وقناعتي ان هذا سر نجاح المواجهات الامنية في السعودية. فرجال الامن يؤمنون بما يقومون به، من اجل دينهم وبلدهم. وهذا ما يجب ان تعيه واشنطن في باكستان، فهل رجل الامن الباكستاني يقاتل من اجل حماية باكستان، ام اميركا؟

وما لم تتنبه له اميركا، فانها بقدر ما تعتقد بانها تحارب «القاعدة» فهي تساعد على انتشارها، وتسهل لها تجييش المزيد من المقاتلين. ويفترض ان الاميركيين قد تعلموا الدرس من العراق حين هبت مجالس الصحوة للتصدي لـ«القاعدة» واستطاعت دحرها اكثر من الاميركيين.

[email protected]