لو كنت إيرانيا!

TT

أول ما تبادر إلى الذهن عند قراءة مقابلة السيد مثال الالوسي، مع صحيفتنا يوم أمس، حول زيارته الثانية لإسرائيل، ودفاعه عن موقفه من أجل حضور المؤتمر العالمي الثامن لمكافحة الإرهاب في تل أبيب هو: ماذا لو كنت إيرانيا؟

بالطبع، لو كنت إيرانيا، سأقفز من مقعدي فرحا حتى أصل السماء، مما ذكره الالوسي من أعذار وحجج، واتهامات لطهران خلال زياراته الأخيرة إلى إسرائيل، وتحديدا، ما قاله عن إيران هناك.

فمن ضمن ما قاله الالوسي إنه ذهب إلى إسرائيل ليحذر من خطر القاعدة وإيران على بلاده، وإنه ذهب علنا لا مثل من يذهبون إلى طهران من العراقيين سرا لمقابلة قاسم سليماني مسؤول الحرس الثوري وجيش القدس على الحدود العراقية ـ الإيرانية.

تصريحات وإن كان فيها من الحقيقة إلا أنها بضاعة جيدة في سوق رديء، فالنائب العراقي يريد التحذير من خطورة القاعدة وإيران على بلاده في تل أبيب، ويبرر ذلك بالقول «عندما أكون في إسرائيل فهذا يعني أن السياسة العراقية متقدمة ومتفوقة»!

فمن المؤكد أن الإيرانيين وعملاءهم، ليس في العراق وحسب، بل في كل العالم العربي، سيقولون لأنصارهم هل قرأتم ما قاله مثال الالوسي.. إن أعداءكم هم أصدقاء إسرائيل! فهذا التصريح بمثابة السلاح الذي منح للإيرانيين، وما أكثر ما استخدموه.

فكلنا نعرف خطر إيران في العراق، ولبنان والعالم العربي، فها هم الكويتيون يعتقلون من قاموا بتسهيلات لعناصر استخبارات إيرانية داخل أراضيهم، على الرغم مما يقال عن أنه ليس لطهران أي عداء مع دول الخليج!

فالسؤال هو: ما الذي سيستفيده السيد الالوسي من ذهابه المجاني إلى إسرائيل، أفلا يكفينا من يذهبون سرا وعلانية إلى تل أبيب، من دون ثمن حقيقي للقضايا المصيرية؟ لست ضد السلام، فللمصريين والأردنيين الحق فقد خبروا الحرب والسلم.

والأمر نفسه مع الفلسطينيين، ونتمنى رؤية اليوم الذي يتحقق فيه السلام للسوريين بعودة الجولان، لكن ما الذي لدى الزوار الطارئين لتل أبيب، حتى وإن كان من ضمن حضور المؤتمر في إسرائيل دول عربية وإسلامية، كما يقول الالوسي؟

فالسيد الالوسي يقول عن العراق «لنكن دولة حضارية، هل نريد أن نلقي بإسرائيل في البحر؟»، لم يقل أحد ذلك، لكن كل المطلوب هو أن لا تنزلهم من فوق الشجرة بدون ثمن، وأن لا تمنح خصوم بلادك ذريعة.

ومن هنا يمكن القول إنه لم يكن بوسع إيران السيطرة على مفاصل الدولة العراقية لولا غياب الحس الوطني لدى بعض الشخصيات العراقية، وانعدام الاتزان والعقلانية السياسية لدى البعض الآخر. وليس المقصود هنا العقلانية التي شوه أعوان إيران مفهومها، بل المقصود العقلانية التي تغلب المصالح التي تضمن وحدة واستقرار وسيادة العراق، بكل أطيافه، ومذاهبه، من دون اقصاء لأحد. مصالح تضمن عدم تحويل العراق إلى محافظة إيرانية أو غيرها.

والأمر نفسه ينطبق على لبنان، وكل بلد تجد فيه إيران أعوانا منفذين لأجندتها، على حساب بلادهم. فلو كنت إيرانيا لقلت للسيد الالوسي: لا عدمناك!

[email protected]