كيف يمكن تجاوز ضربة ماكين القوية المفاجئة؟

TT

على كل حال تعد سارة بالين (مرشحة الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأميركية لمنصب نائب الرئيس) عنصر كسب بين النساء، لاسيما البيض منهنّ. أظهر استطلاع للرأي قامت به صحفية «واشنطن بوست» و«أيه بي سي نيوز» سباقا رئاسيا يعاني من مأزق جديد، حيث سجل الاستطلاع زيادة قدرها 20 نقطة لصالح بطاقة المرشح الجمهوري بين النساء البيض، مقارنة باستطلاع سابق أجري قبل أن يعلن عن اختيار سارة بالين. وتحول تقدم باراك أوباما (مرشح الحزب الديمقراطي)، الذي يقدر بثماني نقاط، إلى عجز قدره 12 نقطة.

ليس من المفاجئ أن الجمهوريين ظلوا ينتقدون سياسات الهوية على مدى كل تلك الأعوام، فلذلك ثمرته. ولا أحد يستفيد أكثر من ذلك أكثر من الحزب الجمهوري ذاته. خرج الجمهوريون مشحونين من مؤتمرهم، بفضل دعم الطبقة العمالية (خاصة المتزوجين) من النساء البيض. وفي الواقع لا يوجد الكثير الذي يمكن أن يقوم به أوباما مع المخلصين للحزب الجمهوري الذين يحدوهم الحماس، ولكن هناك عددا من الأشياء التي يمكنه القيام بها كي يقضي على افتتان الناخبين بسارة بالين، وهناك الكثير من الأشياء التي يجب عليه القيام بها كي يفضح زيف زعم الجمهوريين بشعار التغيير.

كل من هو على اطلاع بالانتخابات يعرف أنه عندما يبدأ الناخبون يحبون مرشحا ما، فإنهم يعطون له نقاطا أعلى في عدد من القضايا، حتى ولو كان تاريخ هذا المرشح ومواقفه لم تتغير تجاه تلك القضايا على الإطلاق. وهذا، بالإضافة إلى رمزية اختيار بالين، يساعد على فهم السبب وراء ازدياد تقدير الناخبين لسياسات ماكين الاقتصادية. تراجع تقدم أوباما في موضوع من يمكنه التعامل مع الشأن الاقتصادي فجأة إلى خمس نقاط فقط، وتسبب في هذا التغير النساء البيض. قبل المؤتمرات، كن يفضلن مواقف أوباما في القضايا الاقتصادية بنسبة 12 نقطة، وفي الوقت الحالي يفضلن ماكين بنسبة 10 نقاط. (وتظهر استطلاعات رأي أخرى على مستوى الولايات المتحدة تراجع تميُّز أوباما في الجانب الاقتصادي).

إذا كان أوباما وواضعو استراتيجياته لا يستطيعون استعادة المسألة الاقتصادية بعد ثمانية أعوام من ترؤس الجمهوريين لأول نهضة في التاريخ الأميركي، تفشل في تعزيز دخل العائلة، وبعد التراجع الاقتصادي الذي تسبب فيه هوس الحزب الجمهوري بسياسات التحرير الاقتصادي، فإن عليهم أن يبحثوا عن وظيفة أخرى.

عليهم أن يسألوا ماكين في كل جولة: أي من سياسات بوش سوف تترك؟ وما الأشياء التي تختلف فيها عن بوش على الصعيد الاقتصادي؟

وعلى الرغم من المخاوف والشكوك، يشعر ماكين بالسعادة وهو يدعو إلى خصومات ضريبية في كل محطة له خلال حملته الانتخابية. هذا هو برنامجه لإنعاش الاقتصاد، وليس مصادفة أن ذلك كان برنامج جورج بوش على مدى ثمانية أعوام: خصومات ضريبية بالأساس للأغنياء وستساهم استثماراتهم في إثرائنا جميعا.

ونحن نعلم جميعا إلى أي مدى عاد ذلك علينا بالنفع.

يجب أن تكون لأوباما مزايا واضحة المعالم في هذا المجال، فأولا الخصومات الضريبية التي يقترحها، على عكس ما يقترحه ماكين (التي تجدد بالأساس المنح التي يعطيها بوش للأميركيين الأثرياء بالمجان) تستهدف بصورة كبيرة الأميركيين من الطبقة العاملة والمتوسطة، بمن فيهم معظم النساء البيض اللواتي تمكن الجمهوريون من جذبهن. وعلى الرغم من أن ماكين يهاجم الزيادات الضريبية التي يقترحها أوباما على الأغنياء، ويقول إنها سوف تسبب في رفع معدلات البطالة، فإن زيادات أوباما تأتي على نمط قريب جدا من تلك التي وقع عليها بيل كلينتون في قانون عام 1993. وفي هذا الوقت كان للجمهوريين نفس الحجة وقالوا إن الزيادات الضريبية التي فرضها كلينتون سوف تتسبب في ضياع الكثير من الوظائف. المشكلة هي أن الاقتصاد الأميركي شهد زيادة في الوظائف بمقدار 22 مليون وظيفة خلال فترة رئاسة كلينتون، فيما شهد زيادة قدرها 5 ملايين وظيفة خلال فترة رئاسة بوش، والرقم يتراجع كل شهر، في الوقت الذي يتفاقم فيه التباطؤ الاقتصادي. وبما أن ماكين يدعو إلى نفس السياسات الضريبية التي اعتمدها بوش، فلما يجب أن نتوقع أن تكون هناك نتيجة مغايرة؟

ثانيا، من شأن سياسات أوباما الاقتصادية أن تخلق المزيد من الوظائف الأميركية في اقتصاد عالمي. المشكلة المتعلقة بالخصومات الضريبية على المؤسسات والأثرياء، هي أنه بمرور الوقت تكون هناك احتمالية أن تلك الخصومات سوف يتم استثمارها من قبل الحاصلين عليها في وظائف في الصين والهند. وفي المقابل، يقترح أوباما رفع الخصومات الضريبية عن الشركات التي تأخذ الوظائف للخارج وتقديم خصومات ضريبية للشركات التي تقوم بخلق فرص عمل في الولايات المتحدة. ويتعهد أوباما بإنفاق 150 مليار دولار خلال فترة في المنصب على برنامج لتوفير الطاقة البديلة، الذي من خلاله سوف يتمكن من توفير ملايين الوظائف، البعيد عن التنقيب البحري. وفيما يستخدم ماكين اللغة المنمقة لتقديم وعود بمساعدة صناعات الطاقة البديلة فإنه لم يعلن عن التزام بإنفاق رقم معين لدعم ما يتحدث عنه. أضف إلى ذلك عدم إعلانه عن التزامه بخلق فرص عمل في مشروعات الطاقة النظيفة، اعتقاده بالاقتصاديات التقليدية التي عفا عليها الزمن، وأضحى من الواضح أن ماكين لا توجد لديه رؤية بشأن خلق وظائف للأميركيين تناسب اقتصاد القرن الحادي والعشرين. وهناك نقاط قليلة أخرى حول الفروق بين المرشحين في المجال الاقتصادي، حيث يقترح أوباما خططا مقبولة لجعل التأمين الصحي والرسوم الجامعية في استطاعة المواطنين، فيما لا يقدم ماكين وعودا مشابهة. ويقدم أوباما عددا من الاتفاقيات التجارية المقترحة، فيما يدعم ماكين كل اتفاقية تجارية أقرت خلال العقود الثلاثة الماضية.

ماكين، مرشح التغيير الاقتصادي؟ حتى لو كانت سارة بالين قد أضافت إلى بطاقة الحزب الجمهوري باصطحابها لأطفالها، وهي تقوم ببعض المهام داخل الولاية، فإن كل ما يتعهد به ماكين وسارة هو أربعة أعوام إضافية من الاختلال الوظيفي والتراجع الاقتصادي.

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الاوسط»