خليك في مزارع شبعا

TT

الاحتلال هو الاحتلال، والظلم هو الظلم، ليس له لون معين، ولا جنس، ولا دين.

وأمة العرب ابتُليت في تاريخها الحديث بالاحتلال والظلم معاً.

ومن مساوئ هذه الأمة أنها (تتخبط)، ولا تدري في أي اتجاه هي تسير.

احتلال اليهود لجزء من فلسطين لاشك أنه ظلم فادح عجزنا عن التعامل معه، وعندما عرضوا علينا في أوائل ثلاثينات القرن الماضي (80%) من أراضي فلسطين تكون للعرب و(20%) لليهود رفضنا، وفي أواخر الأربعينات عرضوا علينا (49%) من الأراضي للعرب و(51%) لليهود رفضنا كذلك.

واليوم نحن نرجوهم أن يعطونا فقط (22%) من البقية الباقية من أراضي فلسطين التي احتلت بكاملها عام 1967، ومع ذلك فإسرائيل ترفض ذلك وتقول: لكم فقط (20%).. وكأنهم نكاية بنا يريدون أن يلووا أعناقنا ويرجعونا ويذكرونا بثلاثينات القرن الماضي عندما رفضنا إعطاءهم (20%) من أراضي فلسطين، وحالهم يقول: ها نحن أخذنا الـ (20%)، وفوقها كذلك (60%) فماذا أنتم فاعلون؟!.

أعرف أنه من نكد الدنيا أن يتحدث الإنسان بالسياسة، غير أن حديثي اليوم ليس له دخل بالسياسة، وإنما هو حديث تاريخ لطمنا على وجوهنا عدّة لطمات لم نفق من فداحتها بعد.

أخذنا نتخبط طوال أكثر من ستة عقود ولا حديث ولا همّ لنا بغير قضية فلسطين، التي استنزفنا مواردنا وقدراتنا ووقتنا وحريتنا، ولا همّ لنا إلاّ انقلاب يحدث هنا وهناك، وقتل وسحل وسجن واعتقال ونفي يحدث هنا وهناك، وحروب أهلية، ومؤتمرات قمة، وصفقات سلاح، ومغامرات ومؤامرات واتهامات وتخوين تحدث هنا وهناك، وإنني أجزم وأراهن وأحلف، أنه لو صرف فقط (10%) من أموال صفقات السلاح التي أهدرتها عبثاً الدول العربية على جيوشها التي حاربت وكأنها لم تحارب، أقول: لو أن تلك الدول صرفت فقط النسبة التي ذكرتها على البقية الباقية من فلسطين وشعبها، لأقسم بالله أن الضفة الغربية وغزة اليوم تتمتع بمستوى معيشي وحضاري أكثر من (سنغافورة).

وننسى في خضم قضية فلسطين أن هناك أجزاء من الدول العربية (اغتصبت) نهاراً جهاراً دون أن نصرخ أو حتى (ننبح) عليها، هل نسينا قضاء (الاسكندرونة)، وكيف أن تواطأت فرنسا مع تركيا، وضحكوا على عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى بعد ذلك الاستفتاء الهزلي بين السكان، وبدلا من أن يوزعوهم حسب (العنصر)، وزعوهم حسب المذهب، وبما أن العرب هناك أغلبهم يتبعون المذهب السني فقد اعتبروهم أتراكاً، حيث أن تركيا كلها سنية، واعتبروا بقية السكان العرب من علويين وشيعة ومسيحيين سوريين، وهكذا اقتطعت الاسكندرونة التي (95%) من سكانها عرب، ونفس الشيء حصل لإمارة (المحمّرة)، عربستان سابقاً، التي قدمتها بريطانيا لإيران على طبق من (البترول)، وها هي إيران (العمائم) اليوم مثلما كانت أيام (الشاه) تحتل الجزر الإماراتية، فأينكم من هذه الأراضي المحتلة يا عرب؟!، أم أن احتلال المسلم لأرض أخيه المسلم حلال مثلما هو الذبح على الطريقة الإسلامية؟!، هل تتذكرون ما قاله شاعركم القديم عن ظلم ذوي القربى؟!.

وإنني بهذه المناسبة غير السعيدة أريد أن أسأل صاحب (النصر الإلهي) السيد حسن نصر الله وأقول: ماذا تسمي سماحتك الخليج؟!، هل هو الخليج العربي أما الفارسي؟!.

ومَن له الحق بامتلاك الجزر الثلاث: طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى، هل هي الإمارات العربية المتحدة، أم جمهورية إيران الإسلامية؟!.

أعرف أنك لن تقرأ كلامي هذا، وحتى لو قرأته فإنك لن تستطيع أن تجيب على الأسئلة، لأن لدينا مثَل شعبي يقول: «إن جلست أكلتك النار، وإن وقفت طقك الغار».. لهذا فأفضل لك أن تبقى في (مزارع شبعا)، واشبع.

[email protected]