عندما يدخل رمضان في سبتمبر!

TT

انتصف شهر رمضان المبارك الذي كان عامراً وحافلاً بالعديد من الأخبار اللافتة والملامح المثيرة. فأخبار جريمة قتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم وتبعيات قضيتها وأبعادها على رجل الأعمال المصري، هشام طلعت مصطفى، ومجموعة «الأبطال» الأخرى، باتت تتصدر المواضيع والسيَّر في المجالس و«الصوالين»، «فتاوى على الهواء» تناقش كل شيء وتقدم الاجابات بشكل منطقي أو غير منطقي «هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون». في أحد البرامج، استمعت لرأي يقول إنه لا بأس ببيع وشراء البرامج والشرائط المقلدة اذا كان قانون البلد لا يمنع هذا! فهل يعني أنه يسمح بتعاطي القات في اليمن لأن القانون اليمني لا يحرم تعاطي القات! الشرائط المقلدة هي اعتداء على حقوق الغير، وهي بالمعنى الواضح والصريح سرقة علنية. شهية الناس تفتح باتجاه الخير وسبله ويبذلون من أجل هذا الأمر الكثير من الغالي والنفيس، ومعدل العبادات يكون في حالة ارتفاع ووتيرة متصاعدة، فتبدأ ملاحقة أئمة المساجد لأجل الصوت الأجمل والأنقى وتبدأ ممارسات

«غريبة» داخل المسجد وخارجه، فانتقادات أسلوب أداء الصلاة والخشوع والركوع ورفع اليدين والدعاء لا تتوقف، كل شخص يعتقد فجأة أنه «أعلم» من غيره، وأن له «الحق» في الإفتاء وهداية مَنْ معه و«تصحيح» إيمانه وعباداته مع عدم إغفال «لوبي» الحجز في المساجد، والذين يبادرون للذهاب للمساجد لحجز أماكن العبادة لغيرهم، مع عدم نسيان مَنْ يقف بجانبي أثناء الصلاة ليسد «فتحاتٍ» بين قدمي وقدمه، فمن خلال عمله هذا يكون قد تسبب في تورم أصابعي جراء دعسه عليها. كما أن للمسلسلات نسبَ مشاهدة يقاس بها العمل الأنجح والأكثر جماهيرية، كذلك باتت المساجد «تقاس» بقدر وحجم شعبية ائمتها، وعدد السيارات الواقفة أمامها. أعرف شخصاً لديه عداوة متأصلة مع فكرة «الكرم» الى درجة أنه يعتقد أن حاتم الطائي شخصية أسطورية لا وجود لها، وإنما وجدت لإحراج مَنْ هم على شاكلته، في رمضان ترتعد أطرافه خشية أن يتعرض لموقف يُجبَرُ فيه على إخراج المال أو اعطاء الطعام، إنه فهم مغلوط ونفس معطوبة، ولكن نفس الشيء ممكن أن يقال على من ركز على العبادات في هذا الشهر الفضيل وأغفل حق المعاملات. معدلات الجريمة وحوادث المرور ونسب الطلاق والنصب والاحتيال والتحرش والإهانة وغيرها من المشاكل والعيوب لا تنقص خلال هذا الشهر الفضيل، وكذلك نسب التلوث والازدحام والضوضاء والهدر بكافة أشكاله لا تختلف أبداً خلال هذه الأيام المباركة. رمضان وغيره من الشهور مطلوب أن يكون اسلوب حياة وطريقة معيشة عامة وليس انتقائية، وتكون بالتالي رخصة لعدم العمل والانتاجية أو التدخل في شؤون الغير والتسلط عليهم بقوة. شهية الناس يتم محاولة التحكم فيها عن الأكل والشهوات كما أمر الدين الحنيف ولكنها أيضا تحولت لتكون

«رخصة» لشهوات الهدر والتبذير. اختلطت معاني رمضان بغيره من الشهور ولم تعد الأوقات واضحة بالقدر الكافي واختلطت معها المعاني والمفاهيم، وبات السؤال قائما؛ مَنْ يعيد إلينا رمضان؟ بقيت خمسة عشر يوماً، وهي أيام كافية جداً للمزيد من الممارسات العجيبة وليستمر مهرجانُ مضايقة أصابع المصلين وأقدامهم!

[email protected]