هل كانت وفاة أسمهان إنقاذا لأم كلثوم؟!

TT

لم تتداخل الحقيقة بالخيال في سير الشخصيات الفنية بقدر ما تداخلت في سيرة الفنانة أسمهان، فهذه التي يصفها مصطفى أمين بأنها «امرأة ساحرة تتصرف وكأنها في زيارة خاطفة للدنيا»، رحلت تاركة كومة ألغاز يصعب فك طلاسمها، فرغم عمرها القصير الذي لم يتجاوز 32 عاما فإنها استطاعت أن تشغل الناس بسيرتها حية وميتة، ففي حياتها كانت الأسئلة كثيرة حول علاقاتها السياسية، وعقب حادث موتها عام 1944 حينما انزلقت سيارتها في إحدى «الترع» بمحافظة الدقهلية بمصر نبت عشرات الشائعات التي لم تزل تعيش في أذهان البعض حتى اللحظة..

واليوم رغم مرور أكثر من نصف قرن على وفاتها فإن زوايا الرؤية تجاه سيرة هذه الفنانة لم تزل على قدر كبير من التباين، فمسلسل «أسمهان» الذي تعرضه بعض القنوات الفضائية خلال هذا الشهر الكريم قد أثار قدرا كبيرا من نقع الجدل بين أسرة الفنانة ومنتجي المسلسل، إذ طالب ابن أخيها فيصل فؤاد الأطرش بوقف عرض المسلسل بحجة أن بعض أحداث المسلسل تسيء إلى أسمهان وأسرتها.. ولم يسلم الحكم الفني على المسلسل من التباين أيضا، فثمة من يعتبره أهم مسلسل عربي يعرض على الشاشة هذا العام، وهناك من يرون أن أسمهان تستحق عملا فنيا أكبر وأعظم وأهم من هذا المسلسل، فرغم جدارة سلاف فواخرجي الفنية التي تلعب دور أسمهان في المسلسل، إلا أنها تاهت في شخصية أسمهان، ولم تستطع أن تقنع الكثيرين بأنها الأمثل والأفضل لأداء دور هذه الشخصية، على عكس النجاح الذي حققته الفنانة المصرية صابرين حينما قامت بدور أم كلثوم في المسلسل الشهير.

وسلسلة التباينات تمتد إلى كل شيء يتصل بأسمهان، حتى في الحكم الفني على موهبتها الفنية، فثمة من يراها أهم من أم كلثوم، حتى ان باحثا وناقدا موسيقيا صرح لإحدى القنوات الفضائية قائلا: «وفاة أسمهان كانت إنقاذ لأم كلثوم لأن أسمهان كانت ستحتل المرتبة الأولى حتما»، وهذا قول لا يخلو من المبالغة، فالمسافة بين أم كلثوم وأسمهان تستعصي على المقارنة.. صحيح أن أسمهان رغم عمرها القصير قد تركت بصمة صوتها على الغناء العربي من خلال أغنيات مثل: «ليالي الأنس في فيينا»، «أهوى»، «عليك صلاة الله»، وغيرها من الأغنيات التي لم تزل تسافر إلى أذواق الأجيال الجديدة باقتدار، ولكن نظلم أسمهان حينما يأخذ الحماس بعضنا إلى إدخالها في مقارنات مع سيدة الغناء العربي أم كلثوم، فأم كلثوم حالة تفرد في تاريخ الغناء العربي قد نحتاج إلى قرون طويلة قبل أن نحظى من جديد بمثل حنجرة أم كلثوم.. ويكفي أسمهان أن الكثير من الناس ـ رغم مرور أكثر من نصف قرن ـ لم يزالوا ينصبون أطناب خيام إعجابهم بين تخوم جمال صوتها، وصوت جمالها، وهذا الإعجاب تستحقه أسمهان.

[email protected]