نهاية أحمدي نجاد.. لماذا جيوب الناس فارغة وكرامتهم للبيع؟

TT

إنه أمر شديد الوضوح وهو أننا نشهد نهاية مشروع أحمدي نجاد. يمكنك أن تقول إنه من المستحيل أن نشهد نهاية عصر أحمدي نجاد سريعا، بسبب التأييد القوي الذي يجده من خامنئي، القائد الأعلى في إيران.

وفي واقع الأمر، لقد ساند خامنئي أحمدي نجاد أكثر مما فعل مع جميع الرؤساء السابقين في إيران. وقد قال في إحدى المرات إن حكومة نجاد هي أفضل حكومة جاءت على مدار المائة عام الماضية في إيران منذ قيام الثورة الدستورية وحتى الآن».

وفي موضع آخر، وصف خامنئي حكومة نجاد بالكلمات التالية: «أحيت هذه الحكومة الشعارات والموضوعات الأساسية التي تحدث بها الإمام الخميني والثورة، لقد عدنا إلى قيم الإمام والثورة».

وفي حضور هاشمي رافسنجاني، قال خامنئي في صراحة إنه يساند أحمدي نجاد بقوة أكبر من أية حكومة أخرى! وهذا أمر في غاية الأهمية، لأننا نعرف أن خامنئي نادرا ما يتحدث بصراحة حول تفاصيل، أو أنه نادرا ما يذكر أسماء أشخاص. ووفقا لقانون غير مكتوب، فنادرا ما يركز القائد الأعلى في خطبه بشكل مباشر على تفاصيل الأحداث الجارية، بل يحاول أن يلتزم بالوعظ الأخلاقي والشعارات الأساسية للجمهورية الإسلامية.

والآن يظهر سؤال مهم للغاية. لماذا كان حسن روحاني ينتقد حكومة أحمدي نجاد بكل هذه القوة؟

يقول خامنئي إن حكومة نجاد هي الأفضل، ويدعي روحاني أنها الأسوأ. لماذا توجد فجوة كبيرة بين وجهتي نظرهما؟

يبدو لي أن كلا من خامنئي وروحاني لديه معياره الخاص في الحكم على أداء حكومة نجاد. أعني أن روحاني يحكم على أداء نجاد وفقا لما حققته حكومته في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. ومن جانب آخر، لا يعرف خامنئي الإنجازات الملموسة لحكومة نجاد. وبطريقة أخرى، يفسر روحاني الوضع على نحو عملي جدا، بينما يصفه خامنئي وفقا لرؤيته الآيديولوجية. فينظر الأول إلى أرض الواقع والبشر، وينظر الآخر إلى السماء والملائكة.

هناك فكرتان متناقضتان تماما فيما يتعلق بوجهتي النظر المذكورتين.

والآن، فإن السؤال الثاني الذي يفرض نفسه هو أية فكرة منهما صائبة وأيهما غير ذلك؟

نحن الآن نواجه وضعا شديد الخطورة، حيث أن انتقاد القائد الأعلى في إيران ليس بالأمر السهل. فعلى سبيل المثال، عندما يدافع القائد عن أحمدي نجاد، فهو يصنع مناخا يصبح انتقاد أحمدي نجاد فيه أمرا مستحيلا، حيث أنك ستدفع الثمن وتواجه المشاكل الممكنة إذا تحدثت صراحة فيما تفكر به. وسوف تلصق به تهمة الموالاة لأميركا، والتأييد لمناهضة القيم الإسلامية وما إلى ذلك.

نذكر أنه في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، رفض مجلس حماية الدستور ترشيح العديد من أعضاء البرلمان السابقين، وكان خطؤهم الأساسي هو إما إرسال خطاب إلى خامنئي أو المشاركة في اعتصام داخل البرلمان. لماذا، بالنظر في المواقف المذكورة، ينتقد كل من روحاني والأكثر أهمية منه هاشمي رافسنجاني وأحمدي نجاد؟

يعني ذلك أن الحقيقة تتحدث عن نفسها، ولا أحد يستطيع أن يجبر الحقيقة على التلاشي أو أن يخفيها إلى الأبد!

ثالثا، عندما نقارن حكومة أحمدي نجاد بالحكومات الأخرى التي جاءت بعد الثورة، نجد أن هذه الحكومة هي الأسوأ. فدخل البترول فقط هو ما يساعد الحكومة على الاستمرار.

فلو لم يرتفع سعر البترول، لانهارت حكومة نجاد منذ عامين. إنها أول مرة في تاريخ الثورة أن تكون الحكومة جزءا من المشكلة وليست جزءا من الحل.

قال روحاني: «السياسة الخارجية ليست ترديد شعارات، وليست عنادا، بل هي فن الحوار والمرونة. إنها ليست فنا لتكوين أعداء، بل لاكتساب أصدقاء. لا يمكننا أن نقيم جدران حولنا وأن ننسب كل مشاكلنا إلى الأعداء. إننا نحتاج إلى سياسة خارجية مرنة، وليست تلك التي تزيد من الضغوط الواقعة علينا. وفي الوقت الذي لم نصل فيه إلى إجماع حول بعض المسائل الأساسية، وما زلنا لا نعرف ما هو الخط الذي ننتهجه في سياستنا، فكيف نريد أن نصل إلى العالم من حولنا».

قيلت هذه الكلمات منذ عشرة أشهر. وأخيرا، انتقد روحاني نجاد بكلمات غير متوقعة وشديدة القسوة. فقد قال إن حكومة أحمدي نجاد لم تدمر اقتصاد إيران فحسب، ولكنها أيضا جلبت العديد من الكوارث الإقليمية والدولية لإيران.

وبطريقة أخرى، كانت حكومة خاتمي تواجه كارثة بين الحين والآخر، وكانت هذه الكوارث من صنع أشخاص خارج الحكومة ضد حكومة خاتمي. فعلى سبيل المثال، أطلقت قوات الأمن النار على حافلة كانت تقل بعض السائحين الأميركيين أمام فندق الاستقلال في طهران. وعندما قررت الحكومة أن تفتتح مطارا جديدا في طهران، وضع الحرس الثوري صعوبات وعقبات، وبذلك فشلت الحكومة في فتح المطار. وفي كل مرة كان يريد خاتمي، أثناء فترة رئاسته، السفر خارج البلاد، يتم في نفس يوم مغادرته أو اليوم التالي مصادرة صحيفة أو اثنتين وإلقاء القبض على عدد من الصحافيين وما إلى ذلك.

أما هذه الحكومة الجديدة فهي التي تصنع الكوارث لنفسها. هناك خمس حركات قوية في إيران الآن، وجميعها لديها جذور سياسية واجتماعية قوية، وهي تفعل كل ما في وسعها من أجل تحقيق أهدافها. وقد أظهر أعضاء هذه الحركات عدم الخوف من مثولهم أمام المحاكم أو تعرضهم للسجن.

هذه الحركات هي:

ـ الحركة النسائية.

ـ الحركة الطلابية.

ـ الحركة العمالية.

ـ حركة الأقلية.

ـ حركة النخبة.

يمكنني أن أقول إن كل هذه الحركات لديها جذور في غاية القوة. وتقترب إيران من حافة انتخابات رئاسية أخرى. ويعرف جميع المرشحين أنه لا يمكنهم الفوز بالانتخابات بدون الاهتمام بالحركات المذكورة. ولهذا السبب، يجب على كل مرشح أن ينتقد الحكومة حتى يفوز بالانتخابات. وقد بدأ حسن روحاني، ممثل القائد الأعلى فصلا جديدا في الهجوم العنيف على أحمدي نجاد. وأعتقد أنه قرر أن يخوض المرحلة السياسية المقبلة في إيران.