القرضاوي وإيران ومعركة المد الشيعي

TT

نحن أمام كرة من نار، مذهبية وسياسية، يتقاذفها من جهة الدكتور يوسف القرضاوي بحديثه عن المد الشيعي الإيراني في المنطقة، ومن الجهة الأخرى الإيرانيون بردهم على الشيخ والذي جاء في جله مكرورا تعوده كل من يقول أمرا لا يروق لإيران ومريديها.

ما يعنيني هنا هو تمسك الشيخ القرضاوي برأيه، حيث انه يعتبر عدم التحذير من المد الشيعي خيانة للأمانة، وهذا ما جعله يتعرض لرد فعل إيراني عنيف. بالطبع لن أختلف مع الشيخ القرضاوي في خطورة أموال إيران، وما أسميه «تشييع الأموال»، ولهذا مقال آخر. لكن لا بد من التساؤل عما ساعد إيران على التمدد، والانقضاض السياسي وغيره.

وأبرز سبب لذلك هو التهور الأصولي السني في منطقتنا، والذي لم يتم التصدي له بما يكفي، حتى تم تجييش شبابنا لكل مهلكة، وكان من يخالف ذلك الأمر ينظر له على أنه عميل وعلماني، وما تفعله حماس اليوم، ومريدوها، يمثل دليلا صارخا.

بعد أحداث 11 سبتمبر في أميركا انقض العالم على أبناء المذهب السني، حيث وصموا بالإرهاب ومحاربة المدنية بأنواعها، وقيل يومها إن السنة هم قوى الرفض للتقدم. في ذلك الوقت تلوثت سمعة دولنا، وسقط العمل الخيري، من ضمن ما سقط، وعندما كان العقلاء يحذرون من الأخطاء التي تقع في العمل الخيري كان الرد جاهزا كالرد الإيراني اليوم: أنتم عملاء!

واليوم نرى كيف تعطل العمل الخيري للدول العربية، وتحديدا السعودية والخليج، ومقابل كل جمعية أوقفت، انطلقت جمعيات خيرية إيرانية لا تعد ولا تحصى، ظاهرها خيري وباطنها نرى نتائجه اليوم، وبعضها لم تظهر نتائجه بعد في أفريقيا وآسيا، حيث يتم استخدام الأموال التي وصفها حسن نصر الله بالطاهرة.

لم يراع كثير من علماء السنة ما يجري على الأرض، ولم يقفوا عند التحولات السياسية التي أحدثت ما يشبه الزلزال، ولم ينتبهوا لما يحاك لدولهم، بل استمرت الفتاوى المربكة، والمخيفة، ومن نصيب الشيخ منها فتواه بجواز العمليات الانتحارية للفلسطينيين، وقلنا يومها يا شيخ ومن يضمن أن لا نراها في بلداننا، وهذا ما حدث!

وهناك بالطبع فتاوى أخرى مباركة للقتال في العراق، وسيل من فتاوى لا تنتهي في كل عالمنا العربي، من دون استثناء، كانت تحول شبابنا إلى حطب، ومن ثم يأتي حمالة الحطب ليزفوهم إلى المهالك.

واليوم مع خطر التشييع الديني، هناك خطر آخر ملموس وهو الأموال التي تضخ في عالمنا العربي لزرع العملاء، والعمل على زعزعة استقرارنا خدمة لمصالح إيران.

والمطلوب اليوم ليس صب الزيت على النار مذهبيا، بل المطلوب هو أن يعي علماء العالم العربي، والشق السني منه تحديدا، خطورة ما يحدث على الأرض سياسيا، وإدراك أبعاده الدولية.

كنت ممن جادل الشيخ من قبل، وعتب من عتب، لكن الأهم هنا أااأنأنأأنه فتح بابا للنقاش، حساسا وخطيرا، فمنطقتنا لا تحتمل احتقانا مذهبيا، لكن النقاش المهم والمطلوب هو ليس التأجيج المذهبي، بقدر ما هو إغلاق الباب على التدخلات الإيرانية في منطقتنا.

[email protected]