معركة مصر الإعلامية

TT

في ثلاثة اسابيع واجه المصريون ثلاث ازمات أحرجت صورتهم العامة. الأولى كانت حادثة حريق شب في البرلمان، حيث التهمت النار جزءا من المبنى التاريخي. الثانية فضيحة بعد اتهام مسؤول حزبي ونيابي ورجل اعمال معروف بتدبير قتل فنانة بطريقة بشعة في دبي. أما الثالثة فقد كانت مأساة سقوط صخرة في جبل المقطم التي دكت بيوتا وقتلت اهلها. والحقيقة لا يوجد بلد بلا أزمات أو فضائح انظروا الى فلسطين وسورية ولبنان والسعودية واليمن والسودان وغيرها.

عندما تأتي المصائب تباعا، وحتى اذا لا يوجد بينها رابط، هناك من سيجد فيها فرصة للتشهير. الناس «العاقلة» طبعا تدري أن جريمة قتل شخصية، عمل فردي محزن لا يجوز اتهام الآخرين أو الحكومة فيه، ولا يعقل ربطها بحادثة سقوط صخرة في جبل، لكن ليست كل الناس بهذه النظرة الموضوعية. اما حريق البرلمان فيمكن ان يقال انه درس للجميع، لأن المأساة كان يمكن ان تكون اكبر لولا لطف الله. فنحن نرى امامنا كيف أن الاجراءات الوقائية في المباني العامة ضعيفة، نلمسها في كل مكان في عالمنا العربي، بما فيها المدن الحديثة مثل دبي. وتكاد تحصر مهمة ادارات الاطفاء في صب الماء على النار، في حين ان عملها الرئيسي الزام المجتمع بقواعد السلامة لتفادي نشوب الحرائق. في لندن، كما عرفتها، الأنظمة تلزم المباني بإسكان رقم محدد لا تزيد عليه، وتشترط بصفة دورية اجراءات سلامة، بما فيها تدريب الموظفين على التعامل مرة كل فترة على ترك المبنى عند سماع صفارة الانذار الداخلية في اجراءات روتينية يتم خلالها حساب زمن الاخلاء ومعرفة طريقته وتسجيله في دفاتر المبنى، وإهماله يعتبر مخالفة خطيرة. السؤال متى رأيتم في مدننا عملية اخلاء تجريبية في أي مبنى بما في ذلك المباني الحكومية المكتظة؟ والأسئلة كثيرة حول الصيانة العامة، مثل التمديدات الكهربائية، ومنع الاستخدامات غير القانونية، حيث يحول الموظفون مكاتبهم الى مطابخ من دون اعتبار لقواعد السلامة.

ولا اعتقد أنه يمكن أن يلام الكثيرون في موضوع المقطم الا في مسألة البناء غير المشروع، الذي يعتبر شأنا حساسا، حيث تواجه الحكومات عادة مشاكل بسبب الاستيلاء الشعبي على الاراضي، وتجاهل قواعد البناء، فإن اوقفتها الحكومة اعتبرت ظالمة، وان سكتت عليها صارت مسؤولة عن تبعاتها من اكتظاظ وفوضى ومخاطر صحية وأمنية.

بقيت قصة الجريمة التي انهت حياة الفنانة سوزان تميم في دبي، وضبط فيها مرتكب الجريمة بالصور والملابس. ولأنها عمل اجرامي، فإن المحكمة ستكون مهمة، وطالما ان السلطات المصرية باشرت التحقيق والاعتقال وأعلنته رسميا، رغم أهمية المتهم، فإنها تستطيع ان تدعي عن حق ان العدالة تأخذ مجراها. مع الأخذ في الاعتبار ان الرأي العام العربي، لا المصري هذه المرة، سيكون مهتما بالتفاصيل الدقيقة بحكم شهرة القتيلة وبشاعة الجريمة. وهنا سيجد المصريون المحكمة تمثل أزمة رأي عام عربي ومصري ان تباطأت، أو ظهرت غير مقنعة، أو قد تكون المسرح الضروري بتقديم محاكمة شفافة مقنعة لكل من يشاهدها. وفي نظري ان المحكمة لا حريق البرلمان أو صخرة المقطم، ستعزز أو تكسر الصورة الرسمية بعد سلسلة ازمات كانت بعضها طبيعية وبعضها لعبتها المعارضة فضخمتها واستخدمتها.

[email protected]