لا يزال الوقت مبكرا لتسمية الفائز في انتخابات الرئاسة الأميركية

TT

ساد في الأيام الأولى للحملات الانتخابية شعور طاغ بالتفاؤل في صفوف الجمهوريين، بينما على النقيض منه ساد شعور بالحزن صفوف الديمقراطيين.

ولا يمكن لأحد أن يعبر عن أسباب فوران تلك المشاعر من التفاؤل والحزن سوى أحد المراسلين الذي عايش الأحداث لمدة أسبوعين عن كثب، وشهد الوقائع التي حدثت في أماكن انعقاد المؤتمرين في دنفر وسانت بول ليستطيع الإجابة عن سبب وجود تلك المشاعر.

لم تكن هذه المشاعر خاصة بمناصري الحزب الذين كنا نتعامل معهم على مدار الأسبوعين. فعندما زار ستيف سكميدت، كبير الاستراتيجيين في حملة ماكين، مؤتمر الحزب في دنفر هو ومجموعة من محرري «واشنطن بوست» في اليوم الأخير للمؤتمر، قال إنه سينتظر أسبوعا قبل أن يقوم باستخلاص أية نتائج من استطلاع الرأي، وإن منتصف سبتمبر سيكون الوقت الأنسب لتقييم حالة السباق.

غير أنه في خلال 48 ساعة من مغادرة ماكين وسارة بالين سانت بول تلقينا سيلاً من استطلاعات الرأي ترشح فريق ماكين ـ بالين الجمهوري للفوز على خصميهما الديمقراطيين باراك أوباما وجو بايدن. وفي الاستطلاع الذي أجري في عطلة نهاية الأسبوع الذي أعقب مؤتمر الحزب والذي قامت به صحيفة «واشنطن بوست» مع قناة «إيه بي سي» كشف عن أن السباق الانتخابي متعادل إلى حد كبير، سواء إذا ما كنت تتحدث عن كل الناخبين المسجلين أو هؤلاء الذين يظهرون في الاستطلاعات غالبا، فقد فاز أوباما في أحد تلك الاستطلاعات بنسبة 47 في المائة مقابل 46 في المائة بينما فاز ماكين في الاقتراع الآخر بنسبة 49 في المائة لصالح 47 في المائة.

والاستنتاجات المنطقية من تلك النتائج هي أن السباق لا يزال الفوز به ممكنا، فالأحداث التي ستشهدها في الأسابيع الثمانية القادمة بما فيها المناقشات هي التي غالبا ما ستحدد النتائج. ولكن بدلاً من إرجاء الحكم فالكثير من الجمهوريين الذين تحدثت إليهم في واشنطن بدأوا احتفالات أولية بينما الديمقراطيين سادهم الذعر وطلبوا من أوباما الاستعداد للنزال.

كان رد الفعل من جانب الحزبين مبنيا على التحول الكبير المشكوك فيه لاستطلاعات الرأي التي قامت بها كل من «واشنطن بوست» ومجموعات الناخبين الأخرى ـ خاصة النساء البيض ـ وحول بعض القضايا. وقد تقدم ماكين على أوباما في أوساط أولئك النسوة وحقق مكاسب كبيرة على صعيد الاقتصاد والقدرة على تغيير واشنطن. وأنا أسمي تلك التحولات «مشكوكا فيها إلى حد كبير» ليس فقط لأنني أشك في دقة ومنهجية تلك الاستطلاعات ولكن لأن السنوات علمتني أن تلك التغيرات في اتجاهات الناخبين وآرائهم من المحتمل أن تكون مؤقتة سرعان ما تزول.

وما نعرفه جيدا هو أن الشعب الأميركي يختار رئيسه بعناية فائقة، خاصة عندما تكون الأمة في حالة حرب والاقتصاد يمر بحالة تسبب الكثير من القلق.

ومن المؤكد أن هناك بعض الأميركيين لم ينتخبوا أيا من ماكين أو أوباما ولم يشاركوا في الاستطلاع. وبعد مرتين من الترشح للرئاسة والخبرة الكبيرة في الكونغرس أصبح ماكين مألوفا لدى الناخبين، لكن أوباما لم يظهر على الساحة الأميركية سوى هذا العام، وبايدن وبالين لا يزالان غريبين بالنسبة للمواطنين.

والشغف بشأن المرشحين الأربعة يتزايد مع مرور الوقت واقتراب أيام الحسم، وهو الأمر الذي يعني أن عملية التعلم قد تمضي مسرعة نوعا ما، ولكن لأن الناخبين يعرفون أنهم سينتظرون حتى الرابع من نوفمبر للتأكد من خياراتهم، فإن هؤلاء المستقلين الذين لا ينتمون إلى حزب بعينه أو أولئك غير المؤيدين بصورة كاملة، فأمامهم متسع من الوقت، حيث سيحاولون البحث عن أدلة تعطيهم الثقة في أنهم يقومون بالخيار الأفضل. تلك الأدلة ربما تكون نابعة من شخصية المرشح ذاته أو في سياسته الموعودة أو من مساندة ودعم المصادر الموثوقة له. والمحادثات غير الرسمية بين أفراد العائلات والأصدقاء ستكون في أهمية الحوارات التلفزيونية أو أحاديث المرشحين.

وبضرب تلك العوامل بالجغرافية السياسية للولايات الإحدى والخمسين الانتخابية، مع قليل من الحظ داخل الولايات، مع وجود بعض الولايات التي تقدم بعض الحظوظ للمرشحين تبقي الشكوك هي المسيطرة على النتائج والتوقعات، فقد يأتي شهر أكتوبر ولم نكن قد علمنا بعد من الذي سيخلف بوش في البيت الأبيض. والبعض يجدون ذلك غير مقبول وغير حازم، الأمر الذي يرفع لديهم مشاعر إما الفرحة أو اليأس. وإنني لأجد الأمر ممتعا ومثيرا وملهما، فقد كانت تلك ـ وستظل ـ حياة الانتخابات.

*خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»