الأرض مقابل «الكلام» !

TT

إسرائيل تستعد لاستقبال رئيسة وزراء جديدة هي تزيبي ليفني، وزيرة الخارجية الحالية، وذلك خلفا لإيهود أولمرت، الذي أغرقته اتهامات الفساد واستغلال المنصب، وبات معرضا لمواجهة عقوبات جنائية قاسية. ليفني تأتي لهذا المنصب من خلال أحدث الاحزاب في اسرائيل وتحديدا حزب «كاديما»، الذي أسسه أبو التطرف الاسرائيلي اريل شارون، وحل مكانه، بعد غيبوبته التي ما زال راقدا فيها، عمدة القدس المحتلة ايهود أولمرت. ليفني تعد من «صقور» الادارة الاسرائيلية ولها مواقف في غاية التشدد بحق الفلسطينيين والعرب، وهي «غير مستعدة للتنازل عن المكاسب والحقوق» بحسب توضيحها وتعبيرها علنا في أكثر من مناسبة مختلفة، وعرفت أيضا بتسلطها وإهانتها لأوضاع حقوق الفلسطينيين وعدم اعتبارها وتقديرها. تزيبي ليفني هي ثاني امرأة تأتي لرأس هرم السلطة في اسرائيل، وذلك بعد أن وصلت اليه في السبعينات الميلادية من القرن الماضي جولدا مائير العجوز التي هاجرت من ميلواكي بولاية وسكنسن بأمريكا، وكان ذلك عنصرا مساعدا على تقوية أواصر العلاقة بينها وبين أمريكا. ولكن ليفني لها قصة مختلفة، فهي تأتي من قلب المجتمع الاسرائيلي ومؤسساته السياسية والاستخباراتية المعقدة، فهي من مواليد تل أبيب، ووالداها كانا عضوين بارزين في منظمة «أرجون» الارهابية التي كانت تقود سلسلة معروفة من الاعمال الدموية بحق العرب والبريطانيين ومندوبي المؤسسات الدولية الموجودين بفلسطين، وهي وصلت لمنصب متقدم في الجيش الاسرائيلي وخدمت لفترة ليست بالبسيطة في الاستخبارات الاسرائيلية المعروفة باسم «الموساد»، وكانت «صائدة ارهابيين» وهي مهمة معقدة توكل للنخبة في جهاز الاستخبارات ولكنها كانت تدعي أنها نفذت ما لم تقم به، ما يعني أنها «كذبت» لتترقى! مارست القانون عمليا من خلال عملها في مكتب محاماة لمدة سنة واحدة، وبالرغم من كونها «نباتية» ولا تأكل اللحوم بكافة أنواعها إلا أنها عرفت بتوحشها وشراستها السياسية وهي من خلال منصبها الجديد ستسعى لأن تبرهن عمليا بأنها جديرة بالمنصب وأنها قادرة على حماية أمن اسرائيل ومراعاة احتياج ذلك، لأن أحد أقوى منافسيها، وهو ناتنياهو، زعيم حزب الليكود المتطرف، كان دائما ما يتهم حزب «كاديما» وأعضاءه بأنهم لن يكونوا صارمين بما فيه الكفاية لحماية الأمن في اسرائيل وخصوصا بعد أحداث 2006 مع حزب الله في لبنان. معركة إثبات تزيبي ليفني لشخصيتها أمام الاحزاب الاسرائيلية الأخرى يبدو أن ثمنها سيدفع من قبل الفلسطينيين والعرب، وتكون نتيجته إعادة المباحثات الى نقطة الصفر مع سورية ومع الفلسطينيين، وهي مهارة تفوَّق واختصَّ فيها القادة الاسرائيليون وذلك كسبا للوقت وإنجاز أكبر قدر من المستوطنات على «أرض الواقع» وطبعا يأتي كل هذا من أفول الايام الاخيرة لإدارة جورج بوش التي وعدت بقيام دولتين، اسرائيلية وفلسطينية، وتحقيق سلام نهائي بين الطرفين قبل انقضاء مدة رئاسته، وطبعا تبدو هذه المسألة الآن أشبه بحكايات «أميرة الثلج والاقزام السبعة» التي تروى قبل النوم للأطفال ! فالقصة برمتها لم تعد سوى «كلام» وليس أكثر من ذلك!

[email protected]