القاعدة.. صنعاء وإن طال السفر

TT

محاولة اقتحام السفارة الأميركية في صنعاء مؤشر على أن القاعدة بدأت في التقاط أنفاسها، واستعادة قواها داخل اليمن، الذي يحاول التنظيم جعله ملاذا له، مستغلا عوامل وظروفاً مختلفة.

فمع تزايد العمليات العسكرية في باكستان وأفغانستان، وما قامت به مجالس الصحوة العراقية ضد القاعدة، بدأ التنظيم برحلة الهروب، وإعادة التجمع في اليمن. أحد المصادر اليمنية صرح لمجلة «نيوزويك» الأميركية بأن الأجهزة اليمنية تعي هذا الأمر، وتدرك خطورة أفراد التنظيم العائدين من العراق، الذين باتوا أكثر تدريبا وخطورة.

اختيار اليمن له أسباب عديدة منها انتماء بعض أبناء اليمن للقاعدة، الذين شاركوا التنظيم في افغانستان، بل كانوا من أكثر المقربين إلى أسامة بن لادن حتى على مستوى الحراسة الخاصة. كما أن بن لادن كان دائما ينظر لليمن على أساس أنه ارض استقطاب، وذلك استغلالا لظروف عديدة، من أبرزها العامل الجغرافي، حيث يقول نبيل الصوفي رئيس تحرير موقع «نيوز يمن»، في ندوة منشورة على موقع المركز الوطني للمعلومات اليمنية، إن القاعدة «ترى في اليمن معسكر إمداد لوجستي»، حيث يمتاز اليمن بأمرين «الأول البيئة الخصبة لنمو فكر القاعدة، والثاني أن الدولة لا تضبط أو تسيطر على صحراء وجبال البلاد، وبإمكان القاعدة إقامة معسكرات تدريب ولا أحد يدري».

وهذا ما يريده التنظيم، ليكون قريبا من أهدافه في المنطقة، وأبرزها اليمن نفسه الذي يرى التنظيم انه يمنحه سلاحا جغرافيا مؤثرا بالاطلالة على مضيق باب المندب لاستهداف المصالح الاقتصادية الدولية، وأيضا لاستهداف السعودية بشكل كبير، حيث مني التنظيم الإرهابي فيها بضربات قاصمة للظهر، من قبل الأمن السعودي، وسبق أن تم خلال بعض المداهمات باليمن الكشف عن مخططات لأعمال إرهابية في السعودية، وكان من أبرز تلك المداهمات العملية التي قتل فيها أحد قياديي القاعدة في عدن وهو القعيطي.

جغرافيا اليمن قريب أيضا من دول الخليج العربي، حيث الاستفادة من الحدود الطويلة مع السعودية، والحدود مع سلطنة عمان، مع التذكير بأن تلك المناطق وإن كانت وعرة، فانها مناطق تهريب للسلاح والمخدرات، وهذا ما ستسعى القاعدة لاستثماره.

ولذا فجميع المؤشرات تقول إن مقاتلي القاعدة الفارين من مناطق الصراع في باكستان وافغانستان والعراق يعودون بشكل كبير إلى اليمن ليزيدوا من أعبائه الاقتصادية والسياسية، وبالطبع الاجتماعية.

وهذه الأزمة لن تكون بالطبع اشكالية اليمن وحده بقدر ما انها ستكون مشكلة لجميع دول الخليج العربي، وتحديدا السعودية. كما انها ستكون تهديدا للمصالح الدولية الاقتصادية في المنطقة. وهنا تكمن خطورة الوضع، وهو أمر يتطلب تعاونا على كافة المستويات والاتجاهات.. تعاونا يبدأ أولا بين اليمنيين وحكومتهم التي تواجه التنظيم الإرهابي، وذلك لضمان عدم استغلال القاعدة للظروف الاقتصادية، وللعوامل الاجتماعية من قبلية وغيرها، كذلك تعاونا دوليا في تبادل المعلومات والخبرات.

ملخص الكلام أن ما يحدث في اليمن أمر خطير ومقلق للجميع، حيث لا يمكن القول إنه شأن يمني داخلي فقط.

[email protected]