ولماذا إذاً وزارة المالية؟

TT

كتب وزير المالية السوري الدكتور محمد الحسين مقالاً في صحيفة الثورة السورية تحت عنوان «سورية أقل الدول تأثراً بالأزمة المالية.. وأسبابها تكمن في الرأسمالية ذاتها» وذلك من أجل طمأنة المواطنين والمستثمرين بأن سورية هي أقل الدول تأثرا بالأزمة المالية، ويا ليته لم يكتب.

يقول الوزير في مقاله «نستطيع أن نؤكد أن الاقتصاد السوري من أقل اقتصاديات المنطقة تأثرا بهذه الأزمة». ثم يضيف قائلا «السبب في ذلك يعود إلى ضيق قنوات نقل هذه الأزمة إلى الداخل السوري.. لأن من أهم بوابات عبور هذه الأزمة هي المصارف والمؤسسات المالية، الأسواق المالية، الاستثمارات، القروض الخارجية، التجارة الخارجية».

وهنا، رجاء، انتبهوا إلى شرح الوزير، حيث يفسر قائلا «فالسوق المالية السورية لم تولد بعد، والمصارف والمؤسسات المالية لا تزال في بداياتها، ويعد رأس المال الوطني هو الأكبر فيها وحتى لو وجد رأسمال غير سوري فإن مصدره في الغالب عربي».

فما يريد الوزير قوله ببساطة هو أن سبب نجاة سورية من الأزمة الاقتصادية العالمية ناتج عن عدم وجود سوق مالية في بلاده، وبسبب تردي أوضاع المصارف والمؤسسات المالية أيضا في سورية، اضافة إلى انعدام الاستثمارات الأجنبية، والعربية منها بالطبع لها أسباب مختلفة، فهي إما هبات، أو لدوافع سياسية آنية.

فوزير المالية، إذاً، يعزو الفضل بسلامة بلاده من الأزمة الاقتصادية العالمية ليس إلى متانة الاقتصاد السوري، بل بسبب تردي أوضاعه، وتأخرها. وإذا كان منطق الوزير سليما، فمن الأحرى أن نهنئ الصومال على نجاة اقتصادها من الهزة المالية العالمية!

ومن هنا يكون السؤال المستحق الذي يجب أن يوجه لمعالي وزير المالية السوري هو: إذا لم يكن لديكم أسواق مالية، ولا مصارف ومؤسسات مالية قوية وحيوية، ولا استثمارات أجنبية، فلماذا إذاً وزارة المالية، أوليس من الأجدى أن يعهد بجميع الأمور إلى وزارة التجارة لتقوم بكل شيء وحدها؟

وزير المالية السوري لم يكتف بما سبق، بل ذهب بعيدا إلى التعبير عن قلقه على وضع السوق العربي، البترولي منه تحديدا، حيث أبدى قلقه على ما تحقق من عائدات بسبب ارتفاع أسعار النفط، وضرب مثالا بخسائر أسواق الامارات العربية المتحدة، ولذا طالب الدول العربية بالاستثمار في العالم العربي بدلا من الاستثمار في الغرب، وبالطبع فهو يقصد الاستثمار في سورية!

طرائف المقال لم تنته هنا بالطبع، بل إن الوزير السوري تهكم على تدخل الحكومة الأميركية لانقاذ السوق الأميركية، ثم ما لبث ان ختم مقاله مطمئنا السوريين بالقول «نود طمأنة أبناء شعبنا ورجال أعمالنا ومستثمرينا بأن آثار هذه الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد السوري ستكون محدودة جداً .. وذلك بفضل السياسات الاقتصادية المتبعة وأسلوب الإصلاح الاقتصادي التدريجي مع تأكيدنا على دور الدولة الفعال والمهم في حماية الاقتصاد ومصالح الناس سواء أكانوا فقراء أم أغنياء».

ولا نملك إلا أن نقول اللهم ألطف بنا نحن أبناء هذا الجزء من العالم!

[email protected]