يبدو أن البعض في الغرب أصبح يتلهف، ويتلقف بشغف الفتاوى التي يصدرها بعض علمائِنَا، وينفخ في بالونها، أو يحرف في مضمونها للتأكيد بأن قسوة هذه الفتاوى لا تسلم منها حتى الفئران الكرتونية، مستفيداً من رأي للداعية محمد المنجد يمقت فيه شخصية «ميكي ماوس»، ويرى الفئران كائنات مؤذية تستحق القتل. وكان أجدى بالمنجد أن يتحدث بلغة أكثر وضوحاً ومباشرة عن عدم مواءمة الأفلام الكرتونية للطفل المسلم تربوياً باعتبار الفئران ـ كما أشار ـ كائنات ممقوتة. كما كان بإمكانه أن يوصي برسم شخصيات كرتونية منبثقة من ثقافتنا بلغة لا تقبل التأويل بدلا من القول إن «الفأر ميكي ماوس شخصية عظيمة لدى الأطفال رغم أنه يقتل في الحل والحرم»، فيصوره المتربصون وكأنه شخصية لا تفرق بين الفئران الكرتونية والحقيقية.. والداعية المنجد يعلم علم اليقين أن هذه الشخصية الكرتونية التي ابتكرها «والت ديزني»، والرسام «أوب ايفركيز» قبل أكثر من 80 سنة لم تصنع من أجلنا، ولا من أجل إفساد أطفالنا، وإنما أنتجت لأطفال آخرين في ثقافة أخرى، فاستوردناها كما استوردنا غيرها من الشخصيات. وبدلا من لوم الآخرين، علينا أن نلوم أنفسنا كمستوردين من تلك الثقافات من دون أن ندرك تربوياً ما يتوافق أو لا يتوافق مع ثقافتنا.
نحن نعتب على الداعية محمد المنجد عدم الدقة في التعبير، وعدم ترتيب أولوياته، ولكن لا نجد في ذلك الرأي المطروح ما يستوجب ـ كما نشر ـ أن تغضب له وسائل الإعلام الغربية والأمريكية، وأن تتداوله الكثير من المواقع الإعلامية ومنتديات الإنترنت، وأن تناقشه العديد من البرامج الحوارية والإخبارية بعد ترجمتها إلى الإنجليزية، وكأن المنجد قد امتطى صهوة جواده، وحمل سيفه لينفذ حكم القتل في تلك الشخصية الكرتونية، إذ لا مبرر لتلك الضجة التي تندرج ضمن محاولات الصيد في الماء العكر.
وهذه ليست الضجة الأولى التي تثيرها شخصية «ميكي ماوس» ويتحمس لها الغرب، فلقد هبت من قبل وسائل إعلام أمريكية دفاعا عن «ميكي ماوس»، متهمة فضائية «الأقصى» بسرقة شخصية «ميكي»، وتحويلها إلى شخصية «فرفور»، التي زعمت بعض تلك الوسائل أنها تحمل رسائل سياسية معادية لإسرائيل وأمريكا.
وأخيرا: لست أدري كيف قفز الفأر الكرتوني «ميكي ماوس» وسط كل ما يحيط بنا من مشكلات أخطر وأهم إلى ذهن الداعية المنجد، فطالب ـ كما يزعمون ـ بقتله، رغم أن علاقتنا وعلاقة أطفالنا بالفئران مقطوعة تؤكدها أنواع المبيدات التي تستهلك الكثير من ميزانية الأسرة؟!