خيبة وخيبات

TT

كانت الدول العربية من اسوأ الدول في نتائج الاولمبياد. أكثر من مائتي مليون مواطن ونحو اربع وعشرين دولة بكل ثرواتها لم تحصد اكثر من ذهبيتين فقط. قبل ذلك بقليل نشر تقرير يفيد بأن الجامعات العربية تأتي في اسفل الجامعات العالمية. ففي تصنيف ماتركس لأحسن 400 جامعة لم يأت ذكر غير جامعة عربية واحدة هي جامعة الملك سعود. ولم يتجاوز مستوى الطالب العربي المتميز نسبة 1% من نظيره الغربي.

الفشل العربي يطالعنا حيثما نلتفت. حتى في هذه السلسلة التلفزيونية البريطانية عن عائلة صدام حسين، فاز بدور صدام ممثل إسرائيلي. حتى هذه الشخصية العربية النمطية التي شغلتنا لسنين لم يستطع أي ممثل عربي ان يجيد تمثيلها فأعطوها لممثل يهودي من إسرائيل!

خيبة في سائر الميادين من النكبة الى النكسة الى الردة. عرفت امرأة انجليزية أضاعت سنين من عمرها في مناصرة القضايا العربية ثم تزوجت شابا فلسطينيا بعد نكسة 1967. التقيتها بعد أسابيع قليلة فراحت تحدثني عن شجونها. قالت خيبة في كل مكان. كنا نحن في أوروبا ننظر تاريخيا نظرة رومانسية خيالية للرجل العربي والرجولة العربية. نعتبره عملاقا من عمالقة الحب. لقد جربت ذلك. وجدتها خيبة أخرى!

حتى في كرة القدم نجد مصر التي كان لها باع محترم في عالم كرة القدم أصبح فريقها ينهزم أمام دول افريقية صغيرة لم يكن لها أي وجود قبل ثلاثين أو أربعين سنة ولا يتجاوز عدد سكانها نفوس القاهرة بما فيها في مدينة الأموات.

هذا هو الموضوع الذي يتطلب دراسة حقيقية تقوم بها إحدى الجامعات العالمية الناجحة. ما هو سر الفشل العربي؟ متى سنفرح بأي انجاز على نطاق وطني؟ هل ينفع مع بلداننا العربية ان تأخذ حبة فياغرا مرتين في اليوم عسى ان تستطيع ان تقف على أقدامها وتنجز وتفعل؟ اعتقد ان من المعقول والضروري جدا ان تضم البعثات والزمالات الدراسية مادة لتخصص المبعوثين بعنوان «دراسات في الفشل العربي». يعود المبعوث معتزا بشهادته، ماجستير في الخيبة العربية، أو دكتوراه في الفشل العربي. فيعين بموجبها معلما في المدارس الثانوية لتعليم اللغة الانجليزية أو تاريخ الشعر العربي في الأندلس. يمارس عمله لسنتين ثم يعود من حيث أتى، الى أوروبا حيث يفتح محلا لبيع السيارات المستعملة.

كثيرا ما أتساءل هل يتوقف الموضوع حقا على جينات فاسدة تجري في عروقنا؟ أم هو اثر الشمس الساطعة التي تثنينا عن الحركة والتفكير؟ أم ان المسألة مسألة شيخوخة؟ إننا شعوب تجاوزت مرحلة شبابها وحيويتها ودخلت سن الشيخوخة. لا شك ان الكثير من معتقداتنا الخرافية يدل على إصابتنا بالخرف.

كفاية جلد الذات. سيقول القارئ. ولكن مهلا. فحتى في جلد الذات تفوق علينا الإسرائيليون. فأنا أتسلم يوميا ايميلات من صديقي موشي مخوفر، وهو من المفكرين والكتاب الإسرائيليين اليساريين، لا ينفك عن تزويدي كل يوم بآخر مستجدات ما تقوم به إسرائيل من جرائم بحق الفلسطينيين.

www.kishtainiat.blogspot.com