هل المصالحة مع حزب الله ممكنة؟

TT

رؤية الحريري وعون وجنبلاط ونصر الله متعانقين أمام الكاميرات ليست إنجازا مهما بقدر ما ان المهم هو هل بمقدورهم العمل لبناء دولة؟ التفاؤل شيء، والواقع شيء آخر، خصوصا إذا ما نظرنا إلى ما يجمع ويفرق بين الفرقاء اللبنانيين.

فرفع سقف التوقعات بالحديث عن مصالحات هنا وهناك سيؤدي إلى أن يهوي السقف على رؤوس اللبنانيين، كما حدث في حرب تموز 2006 مع إسرائيل التي جر حزب الله لبنان إليها، وشق الصف العربي إلى اليوم، أو كما حدث بانقلاب السابع من أيار ببيروت.

والخطر يكبر اليوم مع رؤية عشرة آلاف جندي سوري على حدود لبنان الشمالية، مهما كانت تفسيرات دمشق، ويخشى أن تلك التحركات تأتي بمثابة تهديد للإسراع بقبول «زواج المتعة السياسي» بين تيار المستقبل وحزب الله.

ولمعرفة خطورة المصالحة الشكلية، أو «زواج المتعة السياسي» لابد من طرح الأسئلة لمعرفة خطورة الوضع. فهل لدى حزب الله الاستعداد ليكون سلاحه تحت إمرة الدولة، بدلا من حسن نصر الله والولي الفقيه، وأن يكون الحرب والسلم قرار دولة، وللجيش اللبناني حق بسط سيطرته على كل لبنان، من دون أن تضرب طائراته، ويستهدف جنوده كما حدث من قبل؟

وهل لبنان دولة لجميع اللبنانيين، مستقلة لا علاقة لها بما يقرر السوري أو الإيراني، حيث تقوم على الدستور، وتكون دولة مؤسساتية، أم أنها دولة مقاومة؟ وهل لدى نصرالله الاستعداد ليكون المطار تحت سيطرة الدولة، لا أن يكون مسؤول أمن فوق الجميع، وتابع لحزب الله.   

وهل لدى حزب الله الإيراني الاستعداد لتكون شبكة هاتفه تحت مسؤولية وزارة الاتصالات، وتخضع الضاحية الجنوبية، مثل باقي الضواحي والأحياء اللبنانية، لسيطرة أجهزة الأمن اللبنانية الداخلية، أم ستبقى محمية خاصة للحزب؟

وقبل هذا وذاك هل لدى حزب الله والفرقاء اللبنانيين، وعلى رأسهم نبيه بري، الاستعداد لاتمام التحقيقات الدولية والداخلية بحق شهداء لبنان، وعلى رأسهم رفيق الحريري، وجلب المجرمين إلى العدالة؟

إذا كانت الإجابة بالإيجاب على كل ما سبق، وهو غيض من فيض، فأهلا بالمصالحة اللبنانية، لكن لابد من تذكر أن ذلك يعني تخلي نصر الله عن مبادئه، وعن الولي الفقيه، وهذا أمر خيالي.

لذا فواقع لبنان يقول إنه أبعد ما يكون عن مفهوم دولة، ووضعه الحالي ضد كل المفاهيم السياسية. سياسيا إما أن يكون لبنان دولة محمية بجار كبير، وهذا يعني احتلالا سورياً للبنان وهو أقرب إلى أن يقرر اللبنانيون جميعا القفز إلى البحر انتحارا.. أو أن يكون لبنان دولة محايدة منزوعة السلاح، تكون حمايته مسؤولية دولية. وهذا لن يتم بالطبع، فالعقلية السياسية اللبنانية عكس ذلك. وعليه فإن كل حديث عن مصالحة لبنانية ما هو إلا تسكين لحالة مريض يحتاج إلى دخول غرفة العمليات!

صراع الفرقاء، واتفاقهم ليس من أجل بناء الدولة اللبنانية، كما أن لبنان اليوم يقع تحت ثلاثة مطامع هي أكبر من قدرته على التحمل وهي المطامع الإسرائيلية، والسورية، والإيرانية .. ويا له من خليط.

[email protected]