أيام صعبة على جون ماكين

TT

عندما يأتي شهر سبتمبر (أيلول) وتكون هناك قضايا مهمة جديرة بجذب الانتباه، ولكننا نجد أنفسنا مستهلكين في قضايا تافهة، فعلينا أن نحذر.

في سبتمبر 2001، كانت القنوات الإخبارية وحتى بعض الصحف «الجادة» مشغولة بغاري كونديت، عضو الكونغرس عن ولاية كاليفورنيا المتزوج والذي كانت لديه علاقة غرامية مع طبيبة مقيمة في وزارة العدل، اختفت ثم عُثر عليها مقتولة. كانت جميع الأخبار حول كونديت، حتى جاء الحادي عشر من سبتمبر ووقع حدث أكبر أهمية وأصبحت قضية كونديت ضئيلة الشأن.

وفي العام الحالي، وقعت نكبة في عالم الاقتصاد. وقد أقصت الاضطرابات التي يعاني منها وول ستريت كلاما لا معنى له حول عائلة سارة بالين، مثلما حدث مع قصة كونديت قبل سبعة أعوام.

مرة أخرى نجد نيويورك بؤرة اهتمامات الولايات المتحدة، حيث تكفل وسائل الإعلام المتمركزة هناك، أن الأزمة الاقتصادية ستبقى في بؤرة الاهتمام.

ومما لا شك فيه، فإن المرشحين الرئاسيين يدركان التغيرات التي طرأت، فلم تمض 24 ساعة على التطورات الدراماتيكية التي حدثت أخيرا والمرتبطة بـ«ليمان برازرز» و«مريل لينتش» و«آيه.أي.جي» حتى كان جون ماكين وباراك أوباما، مستعدين لتصريحات وإعلانات جديدة حول قضايا وول ستريت.

ولكن تعثر ماكين في البداية، فقد قال إن الاقتصادي «سليم في جوهره» واقتنص الديمقراطيون الفرصة.

وجّه أوباما، وهو يجوب كولورادو، انتقادا شديدة اللهجة بصورة غير معتادة لتاريخ ماكين الطويل بوصفه أحد دعاة تحرير الأسواق. وقد عزز من رسالة أوباما كورس الديمقراطيين من خلفه، الذين تحرروا من انشغالهم بحاكمة ولاية الاسكا وعائلتها.

لا يوجد لدى أحد الكثير لينصح به في هذا الأمر، فقد كانت اجتماعات المسؤولين في وزارة الخزانة ومجلس الاحتياطي الفيدرالي ومسؤولين مصرفيين في نيويورك، تتناول أسئلة لها من التعقيد الفني والأهمية الاقتصادية، ما يجعل السياسيين يفضلون عدم التدخل.

كان الغرض من مبادرة الإصلاح التي أطلقها ماكين، ويعود ذلك إلى شخصيته المتمردة وتاريخه في الوقوف أمام المؤسساتية وعزز منه اختيار سارة بالين كمرشحة لمنصب نائب الرئيس. اختير التوقيت بصورة جيدة فقد تزامن مع المؤتمر القومي للحزب الجمهوري، وساعد ذلك إلى زيادة حدة السباق.

ولكن في الوقت الحالي فإن الضعف الهيكلي الذي يعاني منه الاقتصاد، ويتضح ذلك في الزيادة المستمرة في معدلات البطالة وعدم تحسن دخول معظم العمال، قد نال من بعض اللاعبين الأكثر شهرة. كانت الوظائف والمدخرات التي قدمت قربانا في عمليات البيع داخل سوق البورصة ذات دالة في ذاتها، وهذا هو الميدان الذي مني فيه الناخبون الجمهوريون المحتملون بهزيمة كبرى، حيث سيكون من الصعب عليهم وعلى أصدقائهم وجيرانهم أن يقفوا خلف قضية ماكين. والأثر الأكبر هو الضرر النفسي لجمهور من الناخبين يبحثون عن أي مصدر للتفاؤل بشأن مستقبل هذه البلد. ولذا فإنه على الرغم من جو الإثارة الذي تسببت فيها بالين، ما زال المزاج القومي عائقا كبيرا أمام ماكين والجمهوريين.

وقد تكون هناك أحداث أخرى خارجية تؤثر على السباق الرئاسي، وما زالت هناك مناظرات سوف يتم عقدها. ولكن في الوقت الحالي، فإن «وول ستريت» وجراحاتها تتسبب في مشاكل كبرى لجون ماكين.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ

(خاص بـ«الشرق الأوسط»)