تفجير «الماريوت»: جريمة لا سياسة!

TT

لم تبالغ وسائل الإعلام الباكستانية حين وصفت الاعتداء الانتحاري على فندق «الماريوت» في العاصمة الباكستانية إسلام آباد بأنه 11 أيلول/سبتمبر باكستاني. هذه الهجمة المروعة لا تزال المدينة ومعظم باكستان تعيش وطأتها في ظل احتمالات انزلاقات أمنية خطيرة أخرى لا يظهر أن هناك رادعاً فعلياً يحول دون حدوثها.

لا شك أن صور الضحايا والدمار ومشاهد النيران تأكل فندق «الماريوت» أيقظت لدى شريحة واسعة من الصحافيين والإعلاميين، خصوصاً من هم من غير الباكستانيين، مراحل باكستانية مختلفة خصوصاً تلك المتعلقة بتغطية مرحلة ما بعد 11 أيلول/ سبتمبر 2001 والتي حملت شعار «الحرب ضد الإرهاب». فقد تحول ذلك الفندق بفعل الواقع إلى مقرّ أساسي لكثير من الصحافيين الوافدين إلى البلد وكثير من الزوار الأجانب على مدى السنوات الثماني الأخيرة.

إلا أن الذكريات واستعادة محطات بعينها قد يصبحان بلا جدوى إذا لم يتم التوقف عند فظاعة التفجير ونوع تقديم الإعلام لهذا الأمر. فالميل الغالب هو إلى التعامل مع الحدث الأمني بصفته السياسية بالدرجة الأولى قبل التأكيد على كونه كارثة إنسانية فعلية وعلى كونه اعتداء وجريمة مدانة. فالانشغال بالتحليلات السياسية من نوع أن التفجير استهدف عهد الرئيس الباكستاني الجديد آصف زارداري (الذي أوصلته أيضاً كارثة مقتل زوجته الراحلة بنيظير بوتو) أو أنه رسالة إلى أميركا والغرب أو أن خرقاً أمنياً كبيراً في أجهزة الأمن الباكستانية أوصل إلى هذا الأمر وتحليلات كثيرة أخرى ربما فيها قدر مهم من الصحة لكنها في النهاية تنزع عن التفجير مضمونه الفعلي وهو أنه جناية وجريمة قبل أي أمر آخر.

وزير الداخلية الباكستاني رحمن مالك اتهم وسائل الإعلام بأنها تسعى لإيجاد مبررات للأعمال الإرهابية في إطار محاولة إيجاد تبرير «سياسي» للاعتداء وذلك حينما برزت تقارير إعلامية عن وجود مجموعة «كوماندوس» اميركية في الفندق. بصرف النظر عن اتهام مالك للإعلام لكنه يعكس شيئاً من الواقع في ظلّ الميل العام نحو تجاوز أحداث واعتداءات من نوع هذا التفجير والتعامل معها بصفته حدثاً سياسياً خالصاً.

في تفجير الماريوت قتل تقريباً ستون شخصاً وجرح 250 آخرون عدا عن دمار هائل واهتزاز أمني كبير..

أين السياسة؟؟

إن جهوداً من نوع نزع السياسة عن مثل هذه الجرائم باتت ملحة كي ينحصر الفعل ببعده الإجرامي الجنائي وبالتالي إضعاف صدى أفعال من هذا النوع والتأكيد على رفضها. إذ إن التظهير الغالب للدور السياسي لهذه الجرائم بات بمثابة مكافأة لمرتكبيها الذين ينتظرون الأصداء الإعلامية والسياسية لارتكاباتهم بصفتها نصراً حققوه. التفجير الأخير في إسلام آباد هو امتداد لسلسلة من الاستهدافات التي شهدها عهد الرئيس السابق برويز مشرف وهي مستمرة. بصرف النظر عن الرسائل فهذه الأعمال لا ترتبط بالسياسة قدر ما ترتبط بميل إجرامي وما محاولات تبرير الجرم بالسياسة سوى دعوة لاستمرار ارتكابات من هذا النوع.

diana@ asharqalawsat.com

* مقال اسبوعي يتابع قضايا الإعلام