مغامرة في وادي الملوك (10)

TT

لا يزال السؤال الذي يحير علماء الآثار المصرية، وهو من هو أبو الملك «توت عنخ آمون»؟ من أكبر المعضلات التاريخية في علم الآثار المصرية، فهناك البعض الذي يعتقد أن أبو الملك «توت» هو الملك «أمنحتب الثالث» وبذلك يكون «توت عنخ آمون» هو أخو الملك «أخناتون» أول ملك مصري قديم نعرفه ينادي بوحدانية الإله في مصر، ويعتمد أصحاب هذا الرأي على أن الملك «توت عنخ آمون» عندما انتقل إلي طيبة قال في أحد أحاديثه مخاطباًً «أمنحتب الثالث» على أنه أبيه. أما البعض الآخر من الباحثين وأنا منهم فنعتقد أن «أخناتون» إنما هو أبو الملك «توت عنخ آمون». يؤيد هذا الرأي النص الذي عثر عليه بقرية الأشمونين، والذي نقل من العمارنة ويشير إلى اسم «توت عنخ آتون» أي هو مرتبط بـ«آتون» إله «أخناتون» وليس الإله «آمون» الذي عُبد في الكرنك بالأقصر. وكان الإله الرسمي قبل ثورة «أخناتون» عليه، نعود إلى اسم الملك الذي وجد مسجلاً علي هذه الكتلة الحجرية يليه لقب ابن الملك «أخناتون». ويذكر كذلك اسم زوجته «عنخ اسن ان با آتون». ويعتقد البعض أن أم الملك «توت عنخ آمون» هي الملكة «كيا» التي تزوجها «أخناتون» وماتت أثناء ولادة «توت» الذي تربي في كنف الملكة الجميلة «نفرتيتي» الزوجة الرئيسية لـ«أخناتون»، هذا إضافة إلى آراء أخرى كثيرة تذهب علي أن «نفرتيتي» هي أم الملك «توت» أو أن الملكة «تي» زوجة «أمنحتب الثالث» هي أمه الحقيقية، مستندين في ذلك إلى وجود بعض آثارها التي تحمل اسمها في مقبرة الفرعون الصغير «توت عنخ آمون».

وبعد أن نجح الفريق المصري في دراسة مومياء «توت عنخ آمون» ومعرفة سبب وفاته، وكذلك الكشف عن مومياء الملكة «حتشبسوت» ودراسة المومياوات التي عثر عليها داخل المقبرة رقم 35 (أمنحتب الثاني) بوادي الملوك، لذلك فقد بدأنا في دراسة عائلة الملك «توت» بعد أن توفر لنا أول معمل لدراسة الحمض النووي للمومياوات المعروف بتقنية DNA ومكانه بالمتحف المصري بالقاهرة. ونقوم حالياً ببناء معمل آخر لـ DNA بكلية الطب جامعة القاهرة، وذلك حتى يتم اختبار العينة مرتين بمعملين مختلفين ومقارنة النتائج من كليهما. والأمر الذي يدعو إلي الزهو هو أن جميع القائمين على هذا المشروع المثير من المصريين ذوو الخبرة النادرة في هذا المجال العلمي الحديث. فلم نعد نعتمد عند استخدام تقنيات العمل الحديث لدراسة تراثنا الحضاري على الأجنبي. كذلك يمتلك المجلس الأعلى للآثار بمصر الآن معمل الأشعة المقطعية بجهازه الحديث CT- Scan والذي يعمل عليه فريق مصري على أعلى مستوى من التدريب والكفاءة العلمية. وقريباً، سيتم الإعلان عن نتائج هذه الأبحاث العلمية حول عائلة الملك «توت عنخ آمون»، والتي نتمنى أن تجيب على أحد أكبر المعضلات التاريخية، وأن تأتي بالأدلة التي لا يمكن التشكيك فيها حول من هو الملك «توت»؟ ومن هي عائلته؟ وكيف كانت الأمور تسير في البيت المالك في فترة العمارنة؟ إن دراسة مومياوات الفراعنة والملكات وكذلك الأمراء والأميرات في هذه الفترة التاريخية المهمة من تاريخ مصر القديمة والتي تحولت فيها مصر إلى إمبراطورية تحكم العالم القديم سوف تؤدي بالطبع إلى الكشف عن أسرار الأسرة الثامنة عشرة الملكية والعلاقات بين أفراد البيت المالك، والأهم من ذلك أنه سيخرج إلى النور شخصيات لعبت دورا في تاريخ مصر في ذلك الوقت ولكن فات التاريخ أن يذكرها...

www.guardians.net/hawass