من مهازل السياسة

TT

ذهلت عندما التقيت إسرائيلياً مثقفاً وخريجَ جامعة لم يسمع بحكاية الخزر. وكانت مملكة وثنية جنوب روسيا. تعرضت أثناء التوسع الاسلامي نحو روسيا الى الضغط من المسلمين جنوبا والمسيحيين شمالا على اعتبارهم عبدة اصنام. رأى ملكهم الحكيم ان المصلحة تتطلب اعتناق أحد الاديان السماوية. استشار شيخاً وراهباً وحاخاماً في اختيار الدين المناسب. نصحه الحاخام بأنه اذا اعتنق الاسلام سيحاربه النصارى واذا اعتنق المسيحية سيحاربه المسلمون. الدين اليهودي يضعه في موقع محايد ويقيه عداء كلا الطرفين. وهذا ما جرى. تحولت مملكة الخزر الى اليهودية. وبمرور الزمن، تسلل ابناؤها بهذه الصفة الى أعماق روسيا وبولندا. اصبحوا يشكلون ما عرف بالقبيلة الثالثة عشرة التي فصل تاريخ تطورها آرثر كويسلر، الكاتب والمفكر اليهودي الذي شارك في حرب 1948 من اجل اسرائيل. ولكنه بكتابه هذا أثار غضب الصهيونية عليه. ولا عجب.

وهذا ما يفسر جهل صاحبي الاسرائيلي في هذا الموضوع. انهم لا يدرسون ذلك في اسرائيل. لماذا؟ لأنه يعني ان كل هؤلاء الاسرائيليين الأشكناز الذين قادوا الحركة الصهيونية، وقامت اسرائيل على جهودهم وما زالوا يشكلون الاساسَ فيها ليسوا يهوداً قط عرقيا ولا ينتمون مطلقا لسلالة بني اسرائيل. ولما كان اكثرهم ملحدين لا يؤمنون بدين موسى ولا يمارسونه ولا يحملون حتى جينات بني اسرائيل فلا ادري بأي صفة يتكلمون باسم الشعب اليهودي؟ ولكنه عالم السياسة والمصالح السياسية.

قامت أخيرا احدى الجامعات الامريكية بدراسة في جينات الساميين أعطت هذه النتيجة، وهي أن عرب فلسطين هم أكثر من يحمل هذه الجينات. واليهود الاشكناز لا يحملون شيئاً منها. وهو ما تؤيده حكاية مملكة الخزر. وهذا شيء مفهوم. فمواطنو الدولة اليهودية تحولوا بعد سقوطها الى المسيحية في عهد الروم ثم الى الاسلام في عهد الامويين. ولكن الجينات السامية ظلت بالطبع تجري في عروقهم..

الحقيقة، إن اي نظرة سريعة بالعين المجردة الى فلسطيني واشكنازي توضح بجلاء من منهما السامي واللاسامي.

وهكذا نصل الى هذا الموقف الطريف. وهو انه عندما امر الجنرال موفاز ـ كما ذكرت المصادر الاسرائيلية أخيرا ـ ضباطه بقتل سبعين فلسطينيا يوميا اثناء الانتفاضة الثانية، نجد امامنا هذا الوضع المفعم بالشذوذ وهو ان رجلا من الغوييم (الأغيار) يأمر بقتل سبعين ابنا من ذرية النبي إبراهيم الأقحاح. إنها الكوميديا السوداء بأروع وأبشع صورها. ولكنها السياسة يا سيدي والمصالح السياسية. فقل معي لعن الله السياسة والسياسيين.

www.kishtainiat.blogspot.com