حجّة ماكين الأخيرة

TT

«الرجل سقط في الحب وهو يحب ما يفنى، هل ثمة شيء لتضيفه»؟ (الشاعر الآيرلندي وليام بولتر ييتس) سقط المحافظون في الحب، هذا هو حال كثيرين لا يعتقدون بما يعتقد فيه المحافظون. أصبح العالم مكانا أكثر جمالا لأن سارة بالين رفعت من مقدار الحب، ولكن ليس هذا بالأساس الذي يمكن لحملة ماكين الاعتماد عليه.

وهْم التقنية تبعه وهْم الإسكان، الذي تفوق عليه وهْم بالين. الأوهام دائما معنا، بسبب التضخيم الذي يفتقر إلى التفكير السليم. أعراضه هي فرضية أن القيود القديمة قد تركت مكانها لنتائج محتملة أفضل مما يمكن أن تصوره أحد: سيظل مؤشر داو غونز الصناعي يرتفع، وكذا أسعار الإسكان والنشوة حيال مرشح لمنصب نائب الرئيس يمكن أن يكون عنصر حسم في انتخابات رئاسية. بعثت بالين نشوة كما لو كانت ريح خفيفة تهب من الإركتيك، وقد أثارت على نحو مبهج تنازل الليبراليين، الذين لا يمكن لحماسهم للأميركيين من الطبقة المتوسطة الدخول في مواجهة مع واحد منهم. ولكن عاطفة المواطنين تجاهها، كما يحدث في كل قصص الحب، سوف تبرد بصورة أو بأخرى.

ولذا، يجب على ماكين أن يقدم حجّته النهائية لترشيحه، وهي حجّة ترتبط بأصول حكم، يُنظر فيه عادة إلى منصب نائب الرئيس على أنه ليس له نفس القدر من الأهمية. ويجب أن تركز حجته على فضائل شيء يفضله الناخبون وهو الحكومة المُقَسَّمَة.

نسبة قبول أداء الرئيس الجمهوري الحالي، تزيد نسبة بسيطة عن ثلاثين في المائة، ومع ذلك فهي ما زالت أعلى بعشر نقاط عن الكونغرس الذي يسيطر عليه الديمقراطيون. وسوف يبعد التعديل الثاني والعشرون للدستور الرئيس الحالي في يناير (كانون الثاني)، ولكن سيكون حينئذ للديمقراطيين سطوة أكبر في الكونغرس مما هو الآن. هل يريد المواطنون أن تكون هناك مراجعة؟ انظر إلى شيئين سيكونان قانونا ما لم يكن ماكين هناك ليستخدم حق الفيتو ضدهما، وهذا شيء أضعف من أن يعتمد عليه، أو ما لم يكن لدى زعيم الأقلية ميتش ماكنول 40 عضوا في مجلس الشيوخ يمكنها منعهما.

قانون «الاختيار الحر للموظف»، الذي أُطلق عليه اسم مغلوط، والذي سوف يحرم العمال من حقهم في الاقتراع السري في الانتخابات النقابية. وبدلا من ذلك، ستستخدم النقابات نظام «فحص الكارت»، وبمجرد أن توقع أغلبية من موظفي شركة على الكروت، سوف يتم التصديق على الاتحاد كعميل اتفاق ممثلا لكل العمال. ومما يثبت أن الغرض من القانون ليس هو تحسين ظروف العمال، ولكن الاستيلاء على الرسوم لصالح الاتحادات العمالية، فإن القانون سوف يحرم العمال من إعاقة العمل النقابي عن طريق إعطاء مزايا «أحادية الجانب»، ولم يتم التوصل إليها من خلال نقاشات، في صورة تعويضات وظروف عمل.

كما أنه ما لم يكن ماكين هو الرئيس، فإن الحكومة سوف تعيد «مبدأ النزاهة»، الذي يدعى هو الآخر باسم مغلوط. ظل هذا المبدأ يعيق البرامج السياسية الحرة بسبب التهديد بمقاضاتها بخصوص الالتزام بمعايير غامضة لـ«النزاهة» في عرض وجهات نظر سياسية «متزنة» إلى أن أسقطه رونالد ريغان في عام 1987. في عام 1980، كان هناك أقل من 100 برنامج حوالي، تبث على موجات الراديو في الولايات المتحدة، ولكن في الوقت الحالي هناك أكثر من 1400 محطة مخصصة كلية للبرامج الحوارية. ويريد الليبراليون، غير مكتفين بسيطرتهم على المجتمع الأكاديمي وهوليوود ومعظم وسائل الإعلام، قتل برامج الراديو الحوارية، حيث لا يستطيع الليبراليون النيل من سيطرة المحافظين. وفي الوقت الحالي، فإنه كالمعتاد، وربما أكثر من المعتاد، يعاني الأميركيون من عدم التساوق المعرفي. إنه اضطراب عقلي يضر بالمواطنين، وبالضرورة كل شخص، لديه معتقدات وميول متناقضة. انظر إلى التأمين الصحي، يريد الأميركيون أدوية عام 2008 بأسعار عام 1958، وتغطية صحية شاملة من دون عمليات شراء إلزامية أو تدخل الحكومة في الخيارات.

المألوف أنه لا يرضي الحزبان أغلبية الناخبين، وهذا هو السبب في أن 19 من 31 عملية انتخاب من الحرب العالمية الثانية أفرزت حكومة مُقسَّمَة، حيث يسيطر أحد الأحزاب على الرئاسة، ويسيطر حزب آخر على غرفة واحدة على الأقل من الكونغرس.

ومثل تلك الحكومات تفرض مساومات تحد من تجاوزات أي حزب، لاسيما أن الحزبين لديهما نزعة للإنفاق بصورة كبيرة من دون أن تكون عليه قيود من مؤسسة يسيطر عليها الحزب الآخر. ويشير وليام نيسكانين رئيس معهد كاتو الليبرالي، إلى أنه خلال الخمسين عاما الماضية زادت نفقات الحكومة بمتوسط 1.73 في المائة كل عام، خلال الفترة كانت هناك فيها حكومات مُقَسَّمَة، ويرتفع هذا الرقم لأكثر من ثلاثة أضعاف، ويبلغ 5.26 في المائة، في فترة الحكومة الموحدة. باختياره لبالين، تمكن ماكين من جذب الانتباه، هذا شيء فانٍ، ولكن قبل أن ينتهي، يجب أن يظهر للناخبين كيف يمكن له استخدام الفيتو.

* خدمة «واشنطن بوست»

ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»