سقوط العراق

TT

مقال مهم كتبه الصحافي الأميركي توماس فريدمان كرسالة موجهة للقيادة العراقية من الرئيس الأميركي جورج بوش، على طريقة فريدمان الشهيرة. ملخص المقال ان على العراقيين إدراك أنه ليس بوسع واشنطن صرف مليار دولار يوميا على العراق.

فريدمان يقول إن الأميركيين معنيون ببناء اقتصادهم الآن أكثر من بناء العراق، معتبرا أن أميركا الآن بلد مختلف عما سبق. وهذا يعني أن بغداد من ضمن الخاسرين من الأزمة المالية الأميركية، والعالمية.

نحن هنا أمام أمرين، الأول مليء بالأحلام والشعارات، وسيدور حول خسارة الأميركيين في العراق، أما الآخر فيلخصه قول الشاعر:

أمور يضحك السفهاء منها

ويبكي من عواقبها اللبيب

وهو أن على قيادات العراق، سنة وشيعة وأكراد، أن ينضجوا ويعوا خطورة قادم الأيام.

وأفضل وصف للخوف في العراق هو ما قاله فريدمان في مقاله إن «الشيعة يخافون الماضي، والسنة يخافون المستقبل، والأكراد يخافون كليهما». وبالطبع ان المواطن العراقي يخاف كلا من السنة والشيعة والأكراد والماضي والمستقبل.

ففي ظل الظروف الاقتصادية الحالية، والتي تأتي مع الفترة الانتقالية للإدارة الأميركية الجديدة، ومع الشد الدولي مع إيران، فإن العراق مرشح للسقوط مرة أخرى، ولكن سيسقط إلى المجهول، الذي أبشع فصوله إيران.

فما لم تفهمه القيادات العراقية أن واجبها الآن، أكثر من أي وقت مضى، هو الحفاظ على البلاد في ظل ظروف عصيبة قد تعصف بوحدة العراق. ومن المهم أن تعي القيادات الشيعية أن العراق للعراقيين جميعا، لا لطائفة واحدة.

من المهم استيعاب الجميع في العراق، وأول امتحان حقيقي هو قيادات ورجال الصحوة، الذين ضمنوا سلامة العراق من «القاعدة» والإرهاب. ولا بد من تسوية ملف البعثيين بشكل حاسم، خصوصا من لم يتورطوا بجرائم بحق العراق.

كما أن على السنة، ومثلهم الشيعة، أن يدركوا أن عراقا دينيا أمر غير قابل للتنفيذ، وعليهم العمل من أجل مصلحة عراق المؤسسات، والاختلاف المذهبي، والديانات المتعددة، وان حقبة صدام حسين وسطوة السنة قد ولت. اليوم السيطرة لمن يخدم العراق فقط.

أما الأكراد فعليهم أن يعوا خطورة أحلامهم على حساب وحدة العراق، فما يريدونه سيحول كل العراقيين ضدهم، فأحلامهم تعني المس بوحدة العراق، عليهم أن يحتفظوا بهويتهم، وتاريخهم، ومكتسباتهم، ولكن داخل العراق الموحد.

مشكلة الأكراد ليست عراقية فقط، بل هي إقليمية، وعلى عقلاء الأكراد إدراك ذلك، وتفويت الفرصة على من يريد توجيه الضربة القاصمة لهم، سواء الأتراك، أو الإيرانيين، أو حتى السوريين. فإقليميا هناك شبهة اتفاق على كسر شوكة الأكراد.

سيخسر الشيعة كثيرا ما لم يقفوا بوجه المطامع الإيرانية في العراق، ويعملوا وفق منهج دستوري لا مرجعية وغطاء إيراني. وسيخسر السنة ما لم يعوا أن عراق اليوم قائم على دستور ومشاركة جماعية، لا عمل مسلح، ومقاطعة من أجل المقاطعة. كما على الأكراد أن يعوا أن كثيرين يتحينون الفرصة للانقضاض عليهم.

هذا ملخص الكلام، فالمؤسسات المالية الأميركية ستجد الدعم من الكونغرس، بينما العراق لن يجد إلا دموع التماسيح! هذه الحقيقة وإن أغضبت.

[email protected]