استعادات 11ـ9 (الحلقة 2) «إنهاء الدول المساندة»

TT

في 22 تشرين الأول (أكتوبر) 1962، ذروة أزمة الصواريخ الكوبية، ظهر جون كينيدي على التلفزيون ليقول للأميركيين إن العالم قد ينتهي غداً. الآن، غداة 11/9، لم يكن الاميركيون قد عرفوا إن كانت الهجمات الجوية قد انتهت. هل البرج التجاري والبنتاغون مجرد بداية، أم أنها جولة قاتلة في سماء شرق الولايات المتحدة وانتهى الأمر؟ وأما الرئيس الاميركي فلم يظهر ليقول أي شيء، بل اختفى، هو ونائبه، في «أماكن آمنة»، سرية طبعاً، لكي لا يكون هدف الجولة التالية. انها «ليست جريمة إنها الحرب». لكن من يُعلنها؟ من يريد أن يجابه أقوى قوة عسكرية في الارض؟

لم تكن بيانات القاعدة قد صدرت بعد. لكن جورج بوش ما لبث أن خاطب البلاد في 11 أيلول (سبتمبر) مستنكراً «الأعمال الحربية» وفي اليوم الثالث قال بل هي «الحرب الاولى في القرن الحادي والعشرين». وبعد أسبوع خاطب الكونغرس مستخدماً كلمة «الحرب» 12 مرة قبل أن يقول «إن حربنا على الارهاب تبدأ بالقاعدة لكنها لا تنتهي هناك؟».

أين إذن؟ في 14 أيلول صدرت «النيويورك تايمس» وفيها مقابلة لنائب وزير الدفاع بول ولفوتز يعلن: «ليست المسألة فقط اعتقال الفاعلين ومحاسبتهم، بل إزالة معاقله وإزالة الأجهزة التي تدعمهم وإنهاء الدول التي تتبنى الارهاب».

أما وزير الدفاع دونالد رامسفلد فكان قد حدد الهدف التالي بعد 5 ساعات من انهيار البرج. وقد دوّن أحد مساعديه الأقوال التالية: «ضعوا الخطط لضرب العراق. كلما كان الهجوم أسرع كلما كان أفضل. ابحثوا في امكانية ضرب ص. ح (صدام حسين) في الوقت نفسه وليس فقط أ.ب.ل (أسامة بن لادن) تصرفوا بقوة اكتسحوا كل شيء. الأشياء التي لها علاقة والتي ليس لها علاقة».

مضت «النيويورك تايمس»، جريدة أميركا الاولى، تبحث عن تعابير وافية لوصف الهلع العام. كاتبها الشهير طوماس فريدمان قال «إنها الحرب العالمية الثالثة» عناوين أخرى قالت إنها «أبواب الجحيم»، «عاصفة جهنمية من الرماد والزجاج والدخان والأجساد القافزة»، «جحيم تام من الرماد». وعبّرت «شيكاغو تريبيون» أكثر عن الشعور العام عندما قالت «هذا الثلاثاء أصبحت أميركا التي لا تقهر، أميركا السريعة العطب. لن يبقى شيء في هذا البلد كما كان».

عثرت أميركا على عدوها غير المرئي في العراق. وجاءت تطبق الديمقراطية بأعقاب البنادق. وبحثت عن أسلحة نووية فلما لم تجدها حلت الدولة العراقية. الشيء الوحيد الذي رفضت واشنطن أن تتذكره، كما يقول المؤرخ جوناثان شل، هو «أن الشعوب لا تقبل بأي احتلال خارجي. وأن فيتنام أخرى كانت تنتظر في شوارع بغداد».