بالين ما تزال خلف الحجاب

TT

من الواضح أنه لم يكن خطأً مطبعياً، ذلك أنه على ما يبدو سعت تلك الجماهير الغفيرة بالفعل لرؤية سارة بالين. ومثلما أشار جوناثان، فقد أشارت بالين بالفعل إلى «إدارة بالين وماكين» في ثنايا خطاب أدلت به الأسبوع السابق. بيد أنه من الواضح أن التقدير الكبير الذي توليه بالين لنفسها لا يشاركها إياه القائمون على إدارة الحملة الانتخابية لجون ماكين، المرشح الجمهوري للرئاسة. والمثير أن المعاونين لماكين وافقوا على صيغة واسعة النطاق للنقاشات والمجادلات الرئاسية، بينما أصروا على قواعد شديدة الصرامة للمواجهات المتعلقة بالمرشحة لمنصب نائب الرئيس. وعليه، لن تضطر بالين لتقديم إجابات مطولة. ومثلما أوضح بوب كايسر في مقال له نشرته صحيفة «واشنطن بوست» صباح امس، فإن: «فيما يخص المفاوضات، رغب الجمهوريون في الحد من الفترة الزمنية المتاحة أمام مرشحتهم المبتدئة، بالين، لطرح تساؤلات عليها بشأن قضية واحدة» وبذلك نجد أن القائمين على حملة ماكين يعترفون مرة أخرى باضمحلال مستوى معلومات بالين. علاوة على ذلك، نجد أن بالين تم إبقاؤها بعيداً عن أي محاولات لطرح تساؤلات جادة أو تنطوي على تحد لها منذ اللقاء الذي أجراه معها تشارلي جيبسون. في منطقة جراند رابيدس بولاية ميتشغان، التي قمت بزيارتها هذا الأسبوع، شاركت بالين في اجتماع عُقد داخل دار البلدية حضره ماكين، لكنها قامت بذلك أمام جمهور محدود من الموالين للحزب الجمهوري، وبالتالي لم تكن هناك احتمالات لأن يلقي أحد الحضور سؤالاً عسيراً عليها. وقد لخص المقال الافتتاحي لـ«واشنطن بوست» بأسلوب رقيق وإن كان حازماً في الوقت ذاته الوضع بقوله: «إن اختيار السيد ماكين لشخصية غير متمرسة وغير معروفة جاء مثيراً للقلق، ويعمق قرار القائمين على الحملة، بإبقائها بعيداً عن أي مواجهات جادة مع المراسلين والناخبين، هذا القلق». وأخيراً، يأتي التحقيق الذي تجريه سلطات ولاية ألاسكا بشأن ما بات يعرف باسم «تروبرجيت» (فضيحة الشرطي). وفيما يلي نص الخبر الذي أوردته وكالة أنباء «أسوشيتد برس» حول القضية وكيفية تناول الوكالة معه:

«أنكوراج، ألاسكا ـ حتى ثلاثة أسابيع سابقة، لم يأبه سوى عدد ضئيل من أبناء ألاسكا والقليل من المولعين بمتابعة الشؤون السياسية من باقي أنحاء البلاد بالفضيحة الغامضة المعروفة باسم تروبرجيت. وقد أصدرت لجنة تشريعية أوامرها بإجراء تحقيق حول ما إذا كانت الحاكمة سارة بالين استغلت سلطاتها لتصفية ثأر شخصي مع مطلق شقيقتها. من جانبها، لم تبد على بالين علامات قلق بالغ. وانتهجت بالين التي تتمتع بشعبية واسعة النطاق توجهاً يقوم على المواجهة، حيث قالت: «حاسبوني.. فليس لدي ما أخفيه». لكن في 29 أغسطس (آب) تلاشت هذه الشجاعة التي أبدتها بالين في مواجهة مزاعم إقدامها على فصل المسؤول الأول عن فرض القانون بالولاية لرفضه فصل طليق شقيقتها من وظيفته كشرطي تابع للولاية. وفجأة تذكرت بالين أنها المرشحة الجمهورية لمنصب نائب الرئيس. وفجأة، بمساعدة القائمين على حملة ماكين الانتخابية، شرعت بالين في محاولة إعاقة التحقيق. وعلى مدار الأسابيع العديدة التالية، حجبت بالين والفريق المعاون لها أهم الشهود الذين يشملهم التحقيق، وهم هي، وزوجها تود، ومجموعة من كبار مساعدي الإدارة. كما استمرت بالين في حجب أدلة من المحتمل أن تكون ذات أهمية جوهرية، وهي عبارة عن محتوى مجموعة من رسائل البريد الإلكتروني بين حاكم الولاية وزوجها وعدد من كبار المسؤولين الحكوميين. والتساؤل الذي يطرح نفسه الآن، إذا كانت بالين تعتقد أنها تقف على ارض صلبة، فلماذا تتعمد حجب كل هذه الأدلة ؟ وإذا لم تكن تلك محاولات للتغطية على خطأ اقترفته، فماذا تكون إذن؟

لقد ظن ماكين في وقت من الأوقات بأن بمقدوره الإبقاء على بالين بعيداً عن المواجهات العامة حتى يوم الانتخابات، لكن بمرور الوقت تزداد الشكوك في إمكانية تحقيق ذلك. وربما سوف تتسبب بالين في إلحاق الهزيمة بماكين قبل حدوث ذلك.

* خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»