أين ذهبت أموال السعوديين في لبنان؟

TT

يبدو أن السيد نبيه بري يريد الاصطياد في «الملف الغائب» إعلاميا، وهو الدعم السعودي للدولة اللبنانية، وتحديدا ما قدمته الرياض للبنانيين بعد حرب تموز 2006 التي جر حزب الله لبنان لها مع الإسرائيليين.

السيد بري يقول إن أموال السعوديين حجبت عن جنوب لبنان، وتم توزيعها في مناطق أخرى، مما اضطر المكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء اللبنانية للرد بالأرقام.

وعندما نقول «الملف الغائب» فالمقصود أن الأموال السعودية ذهبت لمستحقيها، لا إلى وسائل الإعلام لتصنع منها بروباغندا إذلال للبنانيين.

والغريب أن السيد بري يتساءل عن الأموال، رغم أن حليفه نصر الله كان قد قال أيام حرب تموز 2006 «لسنا بحاجة إلى أموالكم»، لأن لديهم «الأموال الطاهرة»!

وعلى الرغم من كل ذلك، فقد ذهبت الأموال السعودية إلى قرى الجنوب، مثل باقي المناطق المستحقة، مثلما أوضح البيان التفصيلي لرئاسة الوزراء اللبنانية أول من أمس. إلا أن هناك إسقاطين في حديث بري يستحقان التوقف عندهما. الأول: إنه من الطبيعي أن تواجه المساعدات السعودية للبنان مثل هذه الأمور، وذلك لسبب بسيط وهو أن الأموال السعودية أنفقت على مستحقيها، لا في الإعلام، كما أسلفت، ولا في بوسترات التمنن في بيروت والضاحية.

ويأتي حديث السيد بري على الرغم من أن السعوديين قاموا بإعادة تعمير 220 قرية من أصل 323 قرية، لا خمسة قرى أو أكثر أو أقل بقليل، ناهيك عن تمويلها لبناء الجسور والطرقات، إضافة إلى الوفاء بالالتزامات الدولية. كما أن الأموال السعودية، لم تكن تنتظر دمغة «مال طاهر» من قبل السيد.

فالمال السعودي صادق، لأنه ليس وليد اليوم لدعم كل لبنان، كما أن الأموال أنواع، فهناك «الدعائي» وهو أضغاث أحلام، وهناك المال «الطاهر» وما ينتج عنه من بناء هو أوهن من بيت العنكبوت!

الإسقاط الآخر في حديث السيد نبيه بري عن حجب أموال المساعدات السعودية عن الجنوب إلى مناطق أخرى، يبدو أن المقصود به أن رئاسة الوزراء اللبنانية تحرم أبناء الطائفة الشيعية من المساعدات الخاصة بهم، على حساب أبناء المناطق السنية.

وفي هذا الإسقاط تذاكٍ لضرب رئاسة الوزراء اللبنانية «السنية»، وتصوير للسعودية على أنها تساعد طائفة على حساب طائفة أخرى، وليس مساعدة لبنان ككل. وهذا افتراء! فالرياض ومنذ اتفاق الطائف وقفت على خط واحد من جميع الفرقاء، حتى من لا يستحقون، من وجهة نظري، وأخص تنظيم حزب الله الإيراني!

فعندما كان الراحل رفيق الحريري على علاقة طيبة بحزب الله ويدعمه، قبل اغتياله، لم تعاتبه، أو تقاطعه السعودية، بل كانت حريصة على وحدة كل لبنان، وبالطبع فإن موقف الرياض يختلف عن موقف السيد بري، الذي يرى أنه من حق «المقاومة»، أن تتلقى دعما خارجيا، وهو يقصد بالطبع حزب الله والدعم الإيراني له، كيف لا ونصر الله يفخر بكونه فردا في حزب الولي الفقيه!

لكن التعجب الحقيقي هو ممن يلومون حكومة لبنان على توزيع المساعدات الخارجية، بدلا من محاسبة ولوم المغامرين الذين كبدوا اللبنانيين 1200 قتيل، وخسائر بأكثر من خمسة مليارات دولار؟

[email protected]