استعادات 11/9 (الحلقة 3) فكرة بوتو

TT

لمن خطرت فكرة تدمير البرج التجاري أول مرة؟ لن نعرف على وجه الضبط. لكن الكاتب الاميركي جيمس ثوربر كتب في العشرينات أن هاجسه الكبير هو ماذا يمكن أن يحدث لنيويورك إذا خطر لانتحاري أن يقتحم إحدى ناطحاتها بطائرة، أو أن يرميها بقنبلة. يقول «كارلوس» إنه في ربيع 1991 طرح الشهيد مير مرتضى بوتو، الأمين العام لمنظمة ذو الفقار الباكستانية، فكرة صدم المركز العالمي للتجارة بطائرة، وعدم الاقتصار على الأهداف المرشحة في واشنطن (1). وأصدر وزير خارجية روسيا ايفغيني بريماكوف كتاباً بعنوان «العالم بعد 11 أيلول» (2) يستنكر فيه الأعمال الإرهابية لكنه يحمل مسؤولية نشوء «القاعدة» إلى الولايات المتحدة، و«طالبان» إلى الاستخبارات الباكستانية، ويقول إنه يرتعد من فكرة وصول إرهابي إلى الحكم في باكستان النووية. أو من تسرب هذه الأسلحة إلى لا رقابة كافية عليها، إلى أيدي المنظمات الإرهابية. وينفي بريماكوف وجود أي نزعة إرهابية في الإسلام، ويرى في القبول بنظرية «صراع الحضارات» خطأ جسيماً. ويرد توسع النقمة والشعور باليأس إلى عدم الوصول إلى حل للقضية الفلسطينية، التي يرى أنها تحولت من ألم عربي إلى ألم إسلامي.

على أن رئيس الاستخبارات الروسي السابق يتوقف عند 11/9 نفسه ليقول: «إنه لمشهد مريع. هذا الحدث هو أشرس فعل إرهابي في التاريخ. إنه دليل ملموس على ظهور نوع جديد من الإرهاب الدولي، يعدَّ الأخطر من نوعه، يتمثل في منظومة مكتفية ذاتياً، تقضي على آلاف الأبرياء ولا ارتباط لها بأي دولة». حتى 11 أيلول كان العالم قائماً على تحالفات بين دول ومعسكرات، لكن في هذا اليوم تغير شكل العالم بظهور قوة أخرى: الإرهاب.

للانتقام من إرهاب أعمى خطط له في كهوف تورا بورا، التقى في البيت الأبيض أركان الإدارة الأميركية وقرروا ضرب العراق: «الذي له علاقة والذي ليس له علاقة» حسب مذكرة رامسفلد الرسمية. وأول عمل تم بعد الإنزال الاميركي كان نهب كل آثار أقدم حضارة على الأرض. ومَن يدري. فكما حمل برلسكوني إلى ليبيا ـ بعد 60 عاماً من أسوأ وأفظ وأوحش استعمار في القرن الماضي ـ تمثالا من الحجر الأبيض سرقه جنود غرازياني وجلادوه، قد يزور الرئيس الاميركي بعد 60 عاماً بغداد ومعه لوحة من النقوش السومرية هدية لمولانا الحاكم المبجل الأوحد الأمجد المعظم المضخم المكرم.

1 ـ «أسرار الصندوق الأسود»، غسان شربل، رياض الريس للكتب والنشر.

2 ـ «العالم بعد 11 أيلول»، أفغيني بريماكوف، دار المدى