الكلام عادي ولكنه جميل!

TT

لن أنسى أول كتاب قرأته عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

ليس كتابا للعقاد ولا هيكل باشا ولا طه حسين ولا الحكيم. ويوم قرأت هذا الكتاب لم أكن أعرف أحداً من هؤلاء.. والذي لفت نظري إلى هذا الكتاب الذي كان في مساحة كف اليد هو كلمة «محمد».. كانت على شكل بدر منير.

فالغلاف لفت نظري.. شيء عجيب كيف استطاع الرسام أن يجعل كلمة محمد تأخذ شكل البدر.. لقد قال كل شيء في هذا الشكل، فهو بدر يضيء.. أضاء للبشرية نور الإسلام وعظمة الحكمة الإلهية.

ومددت يدي وقرأت وقرأت ووجدتني أواصل القراءة في طريقي إلى البيت، واتجهت إلى غرفتي وجلست أقرأ وأقرأ.. شيء عجيب.

فلم أقرأ في ذلك الوقت وأنا صغير أسلوبا بهذه السهولة، والذي أدهشني في هذا الأسلوب أنه كلام عادي جداً.. ليست فيه كلمة واحدة صعبة ولا شيء يمنعك من أن تمضي حتى النهاية.. وبلغت النهاية في يوم واحد.. لأعود لقراءته في اليوم التالي.. ولم يفسر لي أحد كيف يستطيع أي إنسان أن يقول ويكتب ما يقول.. ما اسم هذا الأسلوب؟! لم أشغل نفسي باسم هذا الأسلوب ولكن من المؤكد أنه سهل جداً وبسيط جداً.. وأنه مختلف عن كل الذين أقرأ لهم.. وإذا حاولت أن أجعل أسماء لأساليب الكتاب لقلت: إن أسلوب العقاد مثل واحد يمشي بخطوة منتظمة ويدق الأرض.. وأسلوب طه حسين مثل ماء ينساب هادئاً ناعماً.. وأسلوب هذا الكتاب مثل الهواء ينتشر فلا يوقفه أي شيء..

أما مؤلف هذا الكتاب فاسمه محمد صبيح، والذي رسم الغلاف هو الفنان عبد السلام الشريف.. وتشاء المصادفة أن يكون الاثنان أول من صادفت في بداية حياتي الصحفية.. فعندما عملت في جريدة «الأساس» كان محمد صبيح نائب رئيس التحرير أو هو التحرير.. كما كان عبد السلام الشريف هو صاحب الإخراج الصحفي الجميل في ذلك الوقت!

وقد تزاملنا وتصادقنا كل العمر.