استعادات 11/9 (الحلقة 4) الواهنان

TT

هذه سابع سنة على هجوم نيويورك والسنة العشرون على قيام «القاعدة» التي لا تزال في معظمها سراً يتضمن أسراراً، وغموضاً متعمداً يلف غموضاً أكبر. غداة الهجوم تكهن بن لادن والظواهري وسليمان أبو غيث، في البيانات الرسمية، وفي الأحاديث التي بثتها «الجزيرة»، وفي القصائد التي ألقاها بن لادن، وألقى مثلها صدام حسين في ما بعد ـ جميعاً تكهنوا بالهزائم التي سوف تلحق «بزعيمة المجرمين». ولا أندلس أخرى في فلسطين كما أعلن الظواهري. وهدد الجميع «بضربات لاحقة». وقال أبو غيث «على الأميركان أن يعلموا أن عاصفة الطائرات لن تهدأ بإذن الله سبحانه وتعالى». وبعد ذلك بقليل وجه نداء إلى «أمة المليار أمة الإسلام أمة الجهادة أبناء محمد (...) أقول لهم يا خيل الله اركبي يا خيل الله اركبي يا خيل الله اركبي. إنها معركة فاصلة بين الكفر والإيمان».

الذي حدث في السنوات السبع الماضية أن الولايات المتحدة تعرضت لهزائم ومواجهات وتراجعات كبرى في العراق وأفغانستان، لكن الواضح أيضاً أن اندفاع «القاعدة» سجل تراجعاً واضحاً، وأنها تعاني من حصار فعَّال على مواردها المالية وتحركاتها، رغم توسعها الإعلامي، الذي تحوَّل من الوسيلة التلفزيونية إلى شبكة الانترنت.

لقد خبا الوهج التلفزيوني الذي أثار فضول الناس لعامين أو ثلاثة بعد كارثة نيويورك. ولم يعد يثير الناس قول أسامة بن لادن إن الهجوم كلف الاقتصاد الأميركي مليارات الدولارات، فهذا الاقتصاد خسر ألف مليار دولار في عملية احتلال متكرر، قد يغير وجه التعامل الاقتصادي في العالم.

لكن آثار الندوب واضحة في الفريقين. رئيس في واشنطن يخوض حرباً ولا يغنم بأكثر من أحمد الخلايلي، كرمز من رموز القاعدة، ومنظمة تحافظ على سريتها وغموضها، لكنها تفقد بريقها، ويتحول ظهور بن لادن على شاشة «الجزيرة» بعدما كان هو الحدث وهو الخبر وهو السبق. بل لم يعد يظهر إلا خلال فارق طويل من الشهور، تاركاً للظواهري وحده إبلاغ الأمة بفحوى الخطاب الجديد. وبعد كل غياب يطل بقصيدة أخرى، دعواها إسلامية وبناؤها جاهلي. ولم يعد يطل كثيراً لأن الإشارة أصبحت في الغياب: أين هو؟ ماذا حدث له؟ أين الجائزة التي وضعها دونالد رامسفلد على طريقة أفلام «الكاوبوي»: مطلوب حياً أو ميتاً. 25 مليون دولار لمن يقبض عليه.

جميع مقاتلي الحرب على العراق افرنقعوا من حول جورج بوش. الواحد تلو الآخر. من لم يذهب بقرار ذهب بفضيحة نسائية. أو بالأحرى مالية. ودونالد رامسفلد الذي بدأت حياته السياسية بصفقة عقدها مع صدام حسين، أنهى حياته بإعداد الحرب عليه. لا يمكن أن يكون الرجل الذي اختبأ في مغارة هو نفس الرجل الذي لف الحبل حول عنقه.