مرشحان في حاجة إلى أفكار

TT

نتج عن الأزمة المالية تناقض غريب في الواقع السياسي. فقد أثبتت كل من الحملتين الرئاسيتين أنهما أقل تجديدا واهتماما وجرأة من الإدارة التي تسير الحملتان ضدها، بطرق مختلفة.

في العادة، العكس هو الصحيح. من الطبيعي أن يقبل الرئيس المتولي للسلطة القيود المملة في الاختيارات الواقعية. ويمكن للحملات الانتخابية أن تعيش في المدينة الفاضلة التي تشكلها طموحات المرشحين.

ولكن كان الرئيس بوش ووزير الخزانة هنري بولسون، باقتراحهما قيام الحكومة بعملية شراء ضخمة للديون السيئة، هما من اكتسيا بزي فرانكلين روزفلت. أما جون ماكين وباراك أوباما فقد لعبا دور منافسي روزفلت المنسيين والأكثر جبنا «مارتن، وبارتون، وفيش». بعد أن انتقد ماكين الأسبوع الماضي دور الاحتياطي الفيدرالي في عملية الإنقاذ، مما يوضح عدم إدراك إلى حد كبير، يدعو الآن إلى اجتماع إشرافي يجمع بين الحزبين لمراجعة محاولة الحكومة لإنقاذ الاقتصاد.

البشر يفنون والعالم يتحول إلى الظلام، بينما يدعو ماكين إلى انعقاد اجتماع. لم يكن أداء أوباما أفضل، فقد كان رد فعله مزيجا معتادا من الحذر واللوم.

وبعد أن أرجى أوباما الإعلان عن مقترحه من أجل تقييم الإدراك السياسي لخطة بولسون بصورة أفضل، يضيف الآن متفائلا أنها «لا يمكن أن تكون خطة من أجل وول ستريت فقط، ولكن يجب أن تكون خطة للشارع الرئيس»، متقدما في هذه الأزمة بخطته الطارئة البالية.

يتسبب ضعف ردود أفعالهما في حد ذاته في اضطراب. فإنه يرمز إلى حقيقة أكبر، إن انتخابات الرئاسة عام 2008 تتميز بالفراغ والاستثناء لعدم وجود استثناء.

هناك أسباب للشك. أوباما الذي تعهد ببناء الجسور بين الخلافات الحزبية، يترشح عبر أكثر الحملات تحررا في التاريخ الأميركي. يقترح أوباما، في فترة التباطؤ الاقتصادي، إعادة توزيع للثروة بصورة كبيرة عبر قانون للضرائب، ووضع انتداب جديد على الأعمال التجارية، وإنفاق حكومي جديد ضخم على الرعاية الصحية والوقود البديل والبنية التحتية العامة. كيف يمكن تمييز أي من هذه المقترحات عن آراء زملاء أوباما من أعضاء الكونغرس الأكثر الليبرالية؟ وكيف يمكن تطبيق أي منها، في الوضع الاقتصادي الذي نواجهه؟

ربما يرفض البعض هذا التوقع الفكري كقاعدة سياسية. إنه ليس كذلك. فقد خاض رئيسا أميركا السابقان انتخابات الرئاسة وحكما البلاد بأقل قدر من التمرد على إجماع حزبيهما. فأيد بيل كلينتون التجارة الحرة، وأقر في النهاية إصلاح من أجل الرخاء، وطالب بوضع قيود على الميزانية. وترشح جورج بوش من أجل دور حكومي أكبر في التعليم، وصرف الدواء للمتقاعدين عبر الرعاية الصحية، وخدمات لمساعدة المدمنين والمشردين.

لماذا أصبحت صفة الاستقلال الرئاسي مهمة؟ لأن كلا من كلينتون وبوش، قبل أن تغطي فترة رئاستهما الثانية على إنجازاتهما، لقوا قبولا كبيرا لدى الوسط. وكان الإصلاح من أجل الرخاء أحد أكثر الإصلاحات نجاحا في العصر الحديث. وبعد عدة أعوام، بموجب قانون عدم ترك أي طفل، تشهد درجات اختبارات أطفال الأقليات تحسنا مستمرا لأول مرة منذ عقود. ويحصل حوالي 10 ملايين أميركي كبير في السن على الدواء في مقابل زهيد أو بدون مقابل.

إن وجود سياسة جديدة في الحملة الرئاسية أمر ضروري، لأنها في النهاية ستجعل حكم البلاد أمرا ممكنا. أما موت السياسة في هذه الانتخابات فسيجعل الإدارة، في الشؤون الاقتصادية والقضايا الأخرى، أمرا شديد الصعوبة.

*خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»