إنقاذ جميع قراراتنا السيئة؟

TT

أشعر بالقلق على بلادنا، ليس بسبب الاضطراب الذي تشهده الأسواق المالية، ولكن بسبب رد فعل الحكومة الفيدرالية ومضامينه.

يبدو أن كل أزمة جديدة تواجهها إجابة جديدة من الحكومة. بعد إعصار كاترينا، قامت الحكومة بالأدوار التي كانت تقوم بها الولاية والحكومات المحلية. بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001، حولت الحكومة 25 ألف عامل إلى الإدارة الفيدرالية عن طريق إدارة أمن المواصلات. ولم تهتم بنماذج الدول التي تركز على الأمن مثل إسرائيل، والتي اختارت أن تستعين بالقطاع الخاص من أجل هذه المهمة. من المرجح أن حكومتنا الفيدرالية الآن ستخصص ثلاثة أرباع تريليون دولار، وهو ما يفوق ميزانية البنتاغون في العام الماضي، من أجل خطة إنقاذ مالي بسبب ما حدث في أسواق الائتمان الأسبوع الماضي.

إن اتساع نطاق السلطة الفيدرالية لم يكن قط سببا في عظمة هذا البلد. فاتساع السلطة في مكان له تكلفته التي تتحملها أماكن أخرى. فلم تسر المبادئ الأميركية مثل المبادرة الفردية والروح الاستثمارية، التي ولدت في مجتمعات حرة مفتوحة بها حقوق الملكية الخاصة وسيادة القانون، على نحو جيد في إطار حكومة فيدرالية متوسعة السلطات.

على مدى 200 عام، استقر «نموذج الأعمال التجارية» في بلادنا على حقيقة بسيطة وهي: بينما يجني المرء أرباحا من الدخول في المخاطر، عليه أيضا أن يكون مستعدا لمواجهة تبعات تلك المخاطر. لقد قلبت بعض الإجراءات المقترحة المتعلقة بسوق الائتمان هذا النموذج رأسا على عقب، بتحرير هؤلاء الذين خاضوا في الكثير من المخاطر أو اشتروا المزيد من العقارات من مغبة اختياراتهم. إذا مرر الكونغرس خطة الإنقاذ المقترحة، سيقدر لنا أن نعاني من المزيد من المشكلات في النهاية، تاركين الأشخاص الذين يتوخون الحذر في أموالهم يدفعون فاتورة هؤلاء غير الحذرين.

لا أكتب هنا لكي انتقد وزير الخزانة هنري بولسون، فأنا أكن وافر الاحترام لحكمته الاقتصادية، ومهمته التي لا يحسد عليها هي إيجاد حل قصير المدى لمشاكل تسببت بها الحكومة على مدى طويل. إن السؤال بما إذا كانت اقتراحاته صائبة أم مخطئة أمر قليل الأهمية أمام السؤال الذي يتعلق بأين نحن، كمجتمع، من تدخل الحكومة لحماية الأشخاص من قراراتهم المالية الخاصة.

إن الكثير من إجراءات الإنقاذ التي سيجري إقرارها قريباً سيجمع بينها عنصر واحد مشترك، ألا وهو إطلاعنا على الأخطاء التي اقترفها الآخرون. وبدلاً من الإنصات إلى ذلك، على كل واحد منا نحن دافعي الضرائب حث مسؤولي واشنطن على ترتيب أوضاع جبهتنا المالية. إن واشنطن رائدة التمويل الإبداعي غير المستديم، مع اعتماد 50 تريليون دولار على تعهدات عائمة. وسيحدثنا المسؤولون عن صناديق وبرامج «مؤقتة»، لكن ينبغي أن نذكر قادتنا بكلمات رونالد ريجان حول أن أقرب الأمور إلى حياة الخلود هي البرامج الحكومية. وسيقول لنا المسؤولون «ضعوا ثقتكم بنا» فيما يتعلق بتسعير الأصول، لكن ينبغي ألا نقوم بذلك، لأنه مهما كان نقاء نية المرء، تبقى أنت أقدر الناس على حماية أموالك، مما يزيد بصورة بالغة من أهمية الشفافية وإجراء مناقصات علنية.

إذا ما قمنا بهذه الأمور على الوجه الصحيح، سنمر بسلام من الفترة المقبلة وسيكون ذلك أفضل لبلادنا. أما حال عدم قيامنا بذلك، ستظهر العديد من نقاط التشابه بين بلادنا وما ورد بكتاب إدوارد غيبون تحت عنوان «تداعي وانهيار الإمبراطورية الرومانية». وتكمن القدرة على خلق الاختلاف في أيدينا.

* مارك سانفورد: عضو بالحزب الجمهوري. حاكم ولاية ساوث كارولينا. وقد مثل الولاية لثلاث فترات داخل مجلس النواب. وسبق له العمل لدى شركة غولدمان ساشز.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ

خاص بـ«الشرق الأوسط»